خلاصه ماشینی:
"وبرغم وضوح المسائل فی هذا الباب، نجد أنفسنا مضطرین إلی بیان أن الطالب فی الحوزة العلمیة ما دام طالبا ولم یبلغ درجة الاجتهاد والتحقیق بعد، فما علیه سوی الاستماع إلی الأفکار والآراء لیکون عنها بعض التصورات فی ذهنه، وطبعا هذا هو السائد فی کل الفروع العلمیة؛ فهل یدخل الجامعیون إلی الجامعة فی عامهم الأول وهم مجتهدون فی فروعهم الدراسیة، أم یقال لهم: علیکم الإصغاء إلی الدروس لعدة أعوام حتی تستوعبوا الآراء والأقوال جیدا، ومن ثم إذا بلغتم مرحلة الاجتهاد وغدوتم من أصحاب الرأی، عندها لا یکون هناک موضع (للتسلیم)؟ وها هو الدکتور سروش یتهم المؤسسة الدینیة بالإذعان والتسلیم المطلق، وهذا کذب محض؛ لأن المجتهدین لا یذعنون لأحد، بل یحرم علیهم ذلک؛ إذ یحرم علی المجتهد أن یقلد مجتهدا آخر، إلا إذا کان مجتهدا متجزءا، فعندها یجوز له تقلید مجتهد آخر فی الأبواب التی لم یبلغ فیها مرحلة الاجتهاد.
فی حین أن الجامعیین الذین تلقی علیهم المحاضرات والذین یدرسون فی الفروع الفنیة والهندسیة، وفیهم من لم یقرأ حتی کتابا واحدا فی الدین والفلسفة أو المذهب والحوزة العلمیة، ولیس لهم أی علم بالاجتهاد والحوزة، وإذا کان ملما بهذه الأمور لن یکون أفضل حالا من بنی صدر حیث قال: (لقد بلغت مرحلة الاجتهاد لأننی قرأت کتاب معالم الدین)، أفلا یکون أمثال هؤلاء الجامعیین عواما کسائر الناس بالنسبة إلی العلوم الإسلامیة؟ ومع ذلک تلقی علیهم المحاضرات وتتحدث إلیهم عن الحوزة العلمیة والحکماء والفقهاء وعلم الأصول ودرایة الحدیث والرجال وما إلی ذلک، وتنفرد ببعض الآراء وتنقلها إلیهم وتقرأ الشعر أیضا، أفلا یعد ذلک خداعا للعامة؟ إذ تطلق مفردة العامی علی کل شخص یجهل فنا من الفنون ولم یختص فیه، وأنت تقوم بإلقاء المحاضرات علی مثل هذه الطبقة من الناس ولیس فیهم من یسعه الوقوف بوجهک ورد أقوالک، وعلیه لا یکون هذا إلا تضلیلا وخداعا للعامة!"