چکیده:
غاده ـ برهافة حسها و اتصالها بالنبع الالهامی، و حساسیتها الفائقة، و بمشاعرها
النبیلة، و عمق بصیرتها و نفاذها ـ حاولت فی کتاباتها الابداعیة و الصحفیة أن تبعث
الحب الحقیقی بمفهومیه العام و الخاص فی ذواتنا ـ بطریقة تختلف عن طرق العرفاء ـ و
ذلک لاسباب أشارت دراستنا الی خمسة منها، أکدت من خلالها الأدیبة علی تحویل الحب
الی أداة للنقاء، للتفاهم و الحوار، للعطاء، للتحریر، للإصلاح و التبدیل... فی عالم
مهدد الیوم بالأخطار؛ اذ فقد الایمان بکل القیم الروحیة بما فیها الله والدین و
الحب. ألحت غادة علی توطید العلاقة الحقیقیة بین الجنسین؛ اذرأت فیها علاقة الصدق و
الحنان و التساوی، و اعتبرتها رمزا للتلاحم و مصدرا للقوة و الطاقة، و تجسیدا
حیا لسنن الطبیعة، وتوثب الحیاة، و اعلنت أن العلاقة الحقیقیة هذه بحاجة الی رجل
مثالی و امرأة مثالیة، یشکل الاول الحقیقة الوحیدة فی حیاة المرأة، و تشکل هی حاضر
الرجل و مستقبله. الرجل المثالی هو الخارق العذوبة و الکبریاء، بطبیعته یکشف طیبه
المرأة، و یرافقها فی عالم اغترابها و تشردها. اما المرأة المثالیة فهی تملک
نصیبا و افرا من الثقافة و الوعی، و تحاول جهد الطاقة أن تستقل عن الرجل فکریا و
اداریا، الا انها لاتنسی أن تتفهمه و تتعاطف معه بحنان فائق، و تسامح، ناهیک عن
الصدق و الکرامة و اتزان العقل. ضمن البحث عن العلاقة بین الجنسین، تحدثت غادة عن
«التحرر الجنسی» متأثرة أحیانا بالفکر الوجودی، وبسیمون دو بوفوار، و قناعتها
الفکریة الخاصة، و ما تزودت به من التجارب فی الغرب. وضعت غادة شروطا للتحرر
الجنسی أو ما أسمته ـ تبعا للمصطلح النسوی ـ «بالثورة الجنسیة الشاملة»، منها: ان
یقترن بتحرر فکری و اجتماعی و ان یکون جزءا من تحریر الانسان العربی علی جمیع
الأصعدة، و أن تأتی هذه الثورة و ذاک التحرر علی أساس التحدی و حریة الاختیار و
المسؤولیة، و التناغم مع الفطرة الانسانیة ضمن الترکیز علی الوعی التاریخی و
الصحوة، و دون الحث علی الالغاء الکامل للتقالید الشرقیة.
منهج البحث: اجتماعی ـ وصفی، و احیانا یمیل الی النقد و الموازنة، و یضم کلمات
أساسیة تالیة:
خلاصه ماشینی:
"» یقارن فی قضایا الجنس بین رؤیة غادة و سیمون دوبوفوار مقارنة سریعة و یوازن عابرا بین رؤیة الادیبة و ما یطرحه العرفاء من المفاهیم و المصطلحات فی «الحب»؛ و ذلک للرد علی مایأتی من الاسئلة: 1 ـ ماهی ضرورة الدعوة الی «الحب» لدی غادة؟ 2 ـ ماهی المصادر التی اقتبست منها الادیبة فکرتها فی «الحب»؟ 3 ـ ماهی المستلزمات الضروریة لاقامة علاقة حب حقیقیة حسب رأی الادیبة؟ 4 ـ لماذا و ظفت غادة «الجنس» فی ابداعها؟ 5 ـ هل کانت غادة حیادیة أو موضوعیة فی موقفها من الجنسین؟ حاول البحث أن یعتمد علی مؤلفات الادیبة، و لاسیما مقابلاتها الصحفیة، و أن لایدخر جهدا فی تتبع ما کتبه عنها الباحثون العرب و المستشرقون[3]؛ و ان عازت دراساتهم الاستقراء الشامل و الاستنباط العلمی احیانا کثیرة.
الصنف الثانی: الحب المجازی من مظاهر هذا الحب: الف ـ حب التملک أو (مایطلق علیه العرفاء «الحب الطبیعی») غادة ـ اسوة برواد النسویة ومنهم سیمون دوبوار[9] (دوبوفوار 1380: 568) تتحدث عن رغبة الرجل فی ضبط المرأة و تملکها، و ضمها الیه، و الی مایملک، أو بعبارة اخری استلابها الکامل، جسدیا، فکریا، نفسیا، و تعد حبه و رغبته هذه حبا مجازیا غیر ناضج، بینما «الحب الحقیقی» هو «رغبة صادقة فی ان یکون المحبوب سعیدا بالوسیلة التی یختارها هو لنفسه» _______________________________ 9 ـ جدیر بالذکر ان سیمون رمز من رموز الشخصیات النسائیة، تأثرت بها غادة کما لاحظنا عند الحدیث حول التلاحم بین الجنسین...
ب ـ الحب الجسدی و الجنسی أو «مایسمی بالحب البهیمی أو الطینی»: الجنس ـ کما تؤکد غادة دوما ـ من وسائل الإلتقاء بین الرجل و المرأة إذا کان أساسه الحب و اللقاء الفکری و الإنصهار الروحی، و التناغم بین الطرفین، لکنه بشع فی حالة تحوله الی شهوة عابرة، أو لعبة و عادة، أو لحظة إثارة و نشوة فحسب (المرجع السابق 1981: 333)."