چکیده:
الحرکة هی ضدّ السکون ولها وجود ملحوظ مع کل کائنوتعدّ مکانة متمیّزة فی الصورة الشعریّة لأنّهاآلة من الآلات المهمّة فی الحیویّة والنشاط للتصویر، والصور الحرکیّة تجسّد المعنى تجسیداً حیّاً وأکثر قوّة فی الأداء وتأثیراً فی النفس، من هنا کان لهذا اللفظ امتداد واسع فی الدلالة.فنحن نقف فی دراستنا هذه على تأثیر عنصر الحرکة للأفعال فی الصور البیانیّة فی حکم نهج البلاغة؛ لأنّ هذه الحکم لها مکانة مرموقة من حیث الأدب.وأمّا المنهج الذی اخترناه لمعاجة هذا البحث فهو المنهج الوصفی-التحلیلی بدراسة الفعل فی تراکیب الصور البیانیّة فی الحکم لتتضح من خلالها حرکة ونشاط الصور لإیصال المعنى. ویهدف هذا البحث إلی دراسة الأفعال الحرکیّة فی الحکم حتّىیتبیّن لنا مدى اهتمام الإمام علی (ع) فیمنح الصور الأدبیّة الحیاة والحیویّةللوصول إلى جمالیّات رائعة تکمن وراءها.فنظراً إلى أنواع مختلفة من الحرکةنحاول أن ندرس الأفعال الحرکیّة لنلقی الضوء على أهمیّة الحرکة ومدى تأثیرها على بناء الصور البیانیّة المستخدمة فی حکم نهج البلاغة.لهذا قمنا باختیار الأفعال الدّالة على الحرکة الانتقالیة من مثل «الأفقیّة،والسریعة،والصعودیّة،والنزولیّة»؛ ذلک؛ لأنّ أبرز وسائل تصویر الحرکة فی بنیة الجملة هی الأفعال والتی ندرسها عن طریق الصور البیانیّةعلی نحو التشبیه،والاستعارة، والمجاز،والکنایة.وقدتوصلنا فی هذه الدراسة إلیأنّ استخدام الأفعال الدّالة على الحرکة فی الصور البیانیّة وفقاً لنوع الحرکةفیهاتخلق صورةً جذابة مؤثرة وتزید علی المعنی.
خلاصه ماشینی:
"(المصدر السابق ،٢٠٠٢م : ٧٦) هذه هی الأسماء التی لها الدلالـة علـی الحرکـة لکـن الـذی نختـاره فی هـذه الدراسـة هـو ألفـاظ الأفعال التی تدل بذاتها علی التصویر الحرکی فی حکم نهج البلاغة وهو«یأخذ مکانـا مهمـا فی اللغــة لأهمیتهفــی التعبــیر عــن النشــاط والحرکــة ویلعــب الفعــل دورا مهمــا مــن بــین أجــزاء الجملــة بســبب وظیفتــه لأنــه یــدل علــی الحــدث والــزمن ».
(ابـن أبی الحدید، ١٩٦٥م : ٣١٥/١٨) فالـذی یظهـر لنـا فی هـذه الحکمـة هـو أن الفقـر بمنزلـة شـخص یسـتطیع أن یهـرب ویفر،لـذا یسـتعار مـن الفقــر اسـتعارة مکنیــة وهـذه الصـورة تجســد المعـنی تجســیدا،فجمال هـذه الاســتعارة یرجع إلی أن الإمام یصور المعنی تصویرا ویحقق الغرض وهو نقل معنی الحس والحیاة مـن جانـب اللفظ ،ولکن فضلا عن هذا،توجد فی الهرب أو الفرار حرکة کبیرة یبـذلها الإنسـان ، وهـذه الحرکـة تکـون إلی الأمــام بشـکل تقــدمی وفی أی اتجـاه أو مکــان یمکـن للفــار أن یلـوذ بــه ولا بـد لهــذا الفعــل مــن الســرعة ؛ لأنالســرعة هــی عمــاد الفعــل (هــرب )ومــن الأرکانالمهمــة فیــه .
(الحکمــة /١٢٨) الفعــل (أورق ) بمعــنی خــرج ورقــه وهــذا الخروج فیه الحرکة المتجهة إلی أعلی ویدل علـی الحرکـة الانتقالیـة الصـعودیة مـن أسـفل إلی أعلـی وفی الحکمة تتبین لنا صورة التشبیه المرکب حیث شبه فعـل الـبرد فی الأبـدان بفعلـه فی الأشـجار فی الفصـول السـنویة والخـروج الـورق فی الفصـل الربیـع کـأن یـدل علـی حرکـة النمـو وتظهـر هـذه الحرکة بالصعود والعلو فبمساعدة هذا الفعل تتمیز الصورة تمییزا.
(الحکمـة /١١١)والفعـل (تهافت ) بمعنی سقط فالحرکة فیه متجهة من الأعلی إلی الأسـفل وهـو مـن أرکـان الصـور البیانیـة فی الحکمة ؛ لأن الحکمة ترسم سقوط الجبل بعد حبه لعلی (ع ) وهذه کنایة عـن صـعوبة الحـب لـه وعـدم تحملـه للشـخص ، والفعـل (تهافـت ) یـدل علـی الحـدوث ولـه دلالـة علی الحرکـة النزولیـة ."