خلاصه ماشینی:
"وطبقا لرأی الجمهور فالإقلیم: هو النطاق المکانی الذی یطبق فیه نظام قانونی معین فهو إطار سریان مفعول نظامها( 78 )، لکن أبا حنیفة لا یختلف مع الفقهاء فی أن طبیعة الأقلیم مرتبطة بالوظیفة القانونیة للدولة؛ لأن الکاسانی جعل (الأمن ناتج تطبیق الأحکام) ( 79 )، وهذا الموضوع مرتبط بمفهوم السیادة إذ إن السیادة تعنی حریة اختیار الدولة للنظام القانونی, وقدرتها علی تطبیق هذا النظام بل فرضه سواء فی جانبه التشریعی أو التنفیذی أو القضائی، لذلک یقول الکاسانی: >إذا فعل المسلم جنایة فی دار الحرب لا یؤاخذ بشیء؛ لأن الإمام لا یقدر علی إقامة الحدود فی دار الحرب لعدم الولایة<( 80 ).
آراء المفکرین الإسلامیین فی مفهوم السیادة انقسم المفکرون الإسلامیون فی مرجعیة السیادة کإجابة عن سؤال أساس: ما الذی یؤسس طاعة الحاکم أو طاعة الأمة أو طاعة الفقیه علی وفق الموازین الإسلامیة؟ وفی ذلک أربعة آراء: 1ـ السیادة لله تعالی وحده, فهی له بالأصالة ولا یمنحها إلا إلی المعصوم, علی سبیل التبلیغ وسبیل التکلیف.
الرأی الثالث: السیادة ذات المنشأ المزدوج نظرا للانتقادات الموجهة للنظریة الأولی من أنها تؤسس لدولة ثیوقراطیة تحکم بنظریة الحق الإلهی وقد تمارس الاستبداد اعتمادا علی هذا الأساس، وتوصف بأنها تتسم بالنزعة اللامادیة (الغیبیة)، وللانتقادات الموجهة لنظریة سیادة الشعب باعتبار أن النتائج التی تنتهی الیها نتائج تتعارض مع التصور الإسلامی فی أن القصد من النشاط الإنسانی وإقامة الدولة بناء مجتمع ملتزم بالعقیدة الإسلامیة والشریعة فقها ونظاما، ویعد هذا أمرا إلهیا ملزما, ولیس المجتمع حرا حریة مطلقة فی اختیاراته، فقد اتجه المفکرون المسلمون إلی نظریة مزدوجة، هی أن السیادة مرکبة من (إرادة الله تعالی, وإرادة الأمة)."