خلاصه ماشینی:
"ففی المحور الأول للتقابل والمرتبط بالنظرة الفلسفیة للإنسان أفرادا ومجتمعا طرحت المسألة بالشکل التالی : إذا کنا نقبل ظاهرة الفرد وظاهرة المجتمع کحقیقة واقعیة، فهل یتمتع کل منهما بشخصیة ذاتیة لها استقلالها وقوامها ؟ أم أن أحدهما یمتلک تلک الشخصیة والآخر مندک فیها غیر خارج عن إطارها ولیس له قوام ذاتی مستقل ؟ الفرد حقیقة، والمجتمع حقیقة أیضا، ولیس أحد منهما وجودا اعتباریا ووهمیا، لکننا بالمنظار الفلسفی، هل نعتقد بوجود شخصیتین ذاتیتین لکل منهما عمرها وخواصها، ومقاییسها ؟ أم أن هناک شخصیة واحدة إما للفرد کما لدی القائلین بمذهب أصالة الفرد وإما للمجتمع کما لدی المذهب الثانی ؟ فالمنادون بأصالة الفرد فقط یقولون : إن المجتمع لا یعدو أن یکون ترکیبا صوریا للأفراد، فهو لا یحتوی علی شخصیة غیر شخصیة الأفراد، بینما المنادون بأصالة المجتمع فقط یقولون : إن الفرد هو بمثابة مفاصل الإنسان وأجزائه وخلایاه التی لا تتمتع باستقلال ولا بشخصیة اخری مقابل شخصیة الإنسان، وإن الفرد مفصل آلی وجهاز میکانیکی فی مرکب المجتمع الحی ذی الشخصیة، وینتهی هذا المذهب بالطبع إلی نفی استقلالیة الإنسان الفرد فی فکره وحیاته وتأثیره بل هو یدور فی عجلة المجتمع کما تدور القطع الحدیدیة فی عجلة السیارة دون أن یکون لها استقلالیة.
ففی ضوء نظریة (تکامل الفرد الإجتماعی) الإسلامیة یسجل الإسلام النقاط الآتیة فی هذه المسألة : أولا : فی الوقت الذی یرفض الإقتصاد الإسلامی فکرة (من لا یعمل لا یأکل) ولم یربط بین العمل واستحقاق العیش، إلا أ نه ندب إلی العمل ودعا إلیه ومنحه قیمة عبادیة خاصة."