چکیده:
تنتمي القصيدة السير ذاتية إلى حقل تداخل الفنون بين فن الشعر وفن السيرة الذاتيةء اذ يعد فن السير ذاتية اقرب انواع الفنون
الاخرى إلى روح الأديب, فهو أكثر مناطقه حرارة وتوقداً وتاثيراً, إذ " ليس من شيء لدى الأديب أكثر أهمية من لقوة تداخلها
في صياغة شخصيته وتوجيهها, فضلاً عن اسهامه الخطير في دفعه نحو احتراف فن بعينه يتمكن من استلهام غنى هذه التجارب
وفضاءاتها على أمثل وجه, إذ هي تتعدى التعبير المجرد المحايد عن التجارب إلى استبطان الذات واظهار طبقاتها فهي 'نفسي
أصورها” حسب مونتين, وهذا التصور يعتمد على حذق المصور وبراعته وذكائه في انتخاب اللقطات على النحو الذي يجعل منه فناً
- بكل ما ينطوي عليه هذا المفهوم من قوانين وقواعد وشبكة علاقات - بمعنى ان كاتب السيرة الذاتية يلجا 'شاء أم أبى, إِذا كان كاتباً
موهوباً إلى جعل حياته عملا فنياً, ولكي ينجز ذلك بنجاح يجد أن مادته حتى عندما تنقى بفعل عامل النسيان ما تزال مادة واسعة"ا,
اذ تصلح لمزيد من الكتابة بشرط توافر القدرة الكتابية وحسن الاختيار ودقة الزاوية المراد من خلالها الارتفاع بالواقعة السيرة من بؤرتها
الذاتية الوثائقية الصرف إلى مرتبة في الفن أكثر تطلعاً وتلاؤماً.
ويهذا يمكن أن نعرّف القصيدة السير ذاتية على انها " قول شعري ذو نزعة سردية يسجل فيها الشاعر شكلاً من أشكال سيرته
الذاتية تظهر فيه الذات الشعرية الساردة بضميرها الاول متمركزة حول محورها الانوي, ومعبرة عن حوادثها وحكاياتها عبر أمكنة وأزمنة
وتسميات لها حضورها الواقعي خارج ميدان المتخيل الشعري"”)-
وقد يتقنع الضمير الأول بضمائر أخرى حسب المتطلبات والشروط التي تحكم كل قصيدة سير ذاتية.
ويشترط في اعتماد سير ذاتية القصيدة حصول اعتراف ما مدوّن باشارة او قول او تعبير, يؤكد قول الشاعر على نحو ما
المرجعيات الزمنية او المكانية أو الشخصانية للحوادث والحكايا التي تتضمنها القصيدة وتؤكد صلاحية الميثاق المعقود بين الشاعر
السارد والمتلقي على هذه الأسس , ولا يشترط في المفهوم الشعري للقصيدة هنا على قصيدة أكثر من واحدة, إذ قد تتمركز السيرة
الذاتية في قصيدة واحدة بشرط أن تكون طويلة بحيث تعطي صورة واضحة تعكس طبيعة الترتيب التصاعدي على مستويات السرد أو
الحدث او الفضاء, او 'تكون السيرة الذاتية في مجموعة قصائد تشكل مجموعة شعرية واحدة او اكثر من ذلك, كما لا يشترط في ذلك
التزام نوع شعري معين اذ أن كل الانواع الشعرية (قصيدة عمودية - قصيدة حرة - قصيدة نثر) صالحة في حال توافر الشروط السير
ذاتية للانتماء إلى هذا النوع الفني(.
وهذه القصيدة تعتمد على الذاكرة في استرجاع القضايا الحياتية التي يود الشاعر التعبير عنهاء وهي على هذا الأساس ((تقديم
رواية الحياة منظومة شعرا بناء على تشغيل الذاكرة بأقصى طاقتها)) إِذ إن الذاكرة هنا هي مصدر أصيل ممول لهذه القصيدة وهي
ترتبط بالحاضر الذي يسعى الشاعر إلى ربطه مع الماضي.
ويما أن القصيدة لا تحتمل بطبيعتها الكثير من السرد فإن هذه القصيدة ستعتمد على انتقاء الحوادث الذاتية التي يروم
الشاعر تقديمها من خلال قصيدتهء إذ ((إن قصيدة السيرة الذاتية ما هي إلا سرد استرجاعي لحياة منظومة شعراًء يروي فيها شخص
حقيقي شعراً سيرياً عن حياته ووجوده الخاص» مركزاً حديثه على الحياة الفرديةء وعلى تكوين شخصيته بالخصوص» مستنداً في كل
ذلك إلى آليات المنظومة الذاكراتية))ء وهو ما يجعل من هذه القصيدة تتراوح في أسلوبها التعبيري بين الشعر والسرد, اذ تساعد
القصيدة على تكوين بنية موضوعية للنص الشعري أي انها تتحول من الغنائية والعاطفية إلى الموضوعية السردية, فالأنا العاطفية
تتحول إلى (أنا) سردي تحاول في الذات السردية ان تعيد بناء انفعالات الأنا على شكل حدث مرتبط بزمان ومكان, فلحظة التخبير
المكاني والزماني هي بمثابة رواية سردية يتدخل فيها الاتفعالي بالموضوعي والذي يساعد على اكتشاف حقيقة النص الشعري”.
وهناك من يحاول ان يقيس العلاقة بين الذاكرة والتاريخ والنسيان, فالعمل الابداعي لا يحقق ابداع الا عن طريق
لكن قصيدة السير ذاتية هنا تخالف هذا الطرح لانها تبحث في الماضي عن حل للحاضر.
The poem belongs to the field of art overlapping between the art of poetry and the art of
autobiography. The art of autobiography is the closest of other arts to the spirit of the writer. It is the
most hot and incandescent region. "Nothing is more important to the writer than his experiences" ,
Because of the power of their overlap in the formulation and direction of his character, as well as his
serious contribution in pushing him towards the professionalism of a particular art that can draw on the
richness of these experiences and their spaces in the best way, as it transcends the abstract expression
neutralizing the experiences to self-introspection and show their layers are " According to Montaigne,
this perception depends on the photographer's brilliance and his skill and intelligence in electing As if
he were a talented writer to make his life a work of art, and to do so successfully finds that his material
even when (3), as it is suitable for further writing, provided that the ability of writing, good choice and
accuracy of the angle through which to increase the story biography of the focal points of selfdocumentary
to the level of art more aspiring and appropriate.