چکیده:
تتناول هذه المقالة قضیّة الوحدة الإنسانیّة والإسلامیّة من منظار القرآن الکریم والسنّة الشریفة؛ مبیّنةً أنّ مبدأ الوحدة فی الرؤیة القرآنیّة لیس مجرّد فکرة نظریّة أو فلسفیّة مثالیّة؛ وإنّما هو متجذّر اجتماعیًّا فی وحدة الجنس البشریّ، وروحیًّا فی وحدة الدِّین ورسالته؛ من حیث مصدرها وغایتها معًا. ومقتضى الرؤیة الوحدویّة القرآنیّة هی أصالة السلم والسلام فی نشر الدعوة الإسلامیّة فی جمیع أقطار الدنیا. وأیّ تفرقة تُصیب المجتمعات الإنسانیّة، وبالأخصّ المجتمعات الإسلامیّة، هی خروج عن أصالة السلام والرحمة اللذین هما أساس بنیة الدعوة الإسلامیّة.
إنّ الوحدة لیست تنظیرًا سیاسیًّا أو عملًا مجاملیًّا أو آنیًّا ینطلق من انفعالات محدّدة، بل هی من صمیم رؤیة الإسلام بجمیع تشریعاته ونظمه، وهی جزء أصیل من مشروع الإسلام وحاکمیّته فی الأرض؛ حیث إنّه دین التوحید والوحدة.
وعلیه، فإنّ الوحدة الإسلامیّة مشروعنا الثقافیّ، والسیاسیّ، والاقتصادیّ، الحاضر والمستقبلیّ. وهذا المشروع الإسلامی العالمیّ هو المشروع المؤهّل لمواجهة التحدّیات الحضاریّة، والسیاسیّة والاقتصادیّة الکبیرة التی یواجهها العالم الإسلامیّ الیوم.
ولذا، لا بدّ من العمل على إرساء عناصر الوحدة الإسلامیّة على مستوى العقیدة، والعمل، والاتّباع، والقیادة، والهدف، والخصال ومکارم الأخلاق، والثقافة، وتأصیلها فی المجتمع الإسلامیّ؛ بجعلها أساسًا ومعیارًا علمیًّا وعملیًّا للتعامل مع مواضع الاختلاف العلمیّ، والفکریّ، والسیاسیّ، والاقتصادیّ... بین المسلمین. والقیام بتنظیم فقهیّ لأمر التعایش الفقهیّ بینهم، وتطبیق أخلاق الوحدة فی المجتمع الإسلامیّ؛ من قبیل: "الألفة"، و"الرفق"، و"المداراة"، و"العفو"، و"المسامحة"، و"اتّباع الحقّ"، و"التجرّد من العصبیّة"، ووضع آلیّات علمیّة وعملیّة لإرساء قیم الوحدة وصیانتها وتعزیز أواصرها وتقویتها.