خلاصه ماشینی:
وفي الكتب الفقهية بعد عصر الشيخ الطوسي كان أسلوبه في التعرّض للروايات الموافقة والمعارضة قد تحوّل إلى الأسلوب الشائع، وكان أكثر الأصحاب في كلّ مسألةٍ ينقلون الروايات ذات الصلة بها، خلافاً لمنهج المتقدّمين الذي كانوا ينقلون الروايات المعتبرة عندهم فقط، ولا يتعرَّضون للروايات الأخرى، الأمر الذي كان من نتائجه الاعتماد على مباني الشيخ، رغم الاختلاف معه في المباني؛ وذلك لأن منهج الشيخ في الروايات المتعارضة التي تقول بمرجوحية روايات التقية ـ وهو الأسلوب المتّفق عليه من قِبَل الجميع ـ كان موضع تأييد الأصحاب أيضاً، رغم اختلافهم مع مبناه في أصل حجّية خبر الواحد.
وفي المجموع فإن مرحلة ما بعد عصر الشيخ الطوسي نشهد فيها بوضوح أنه على الرغم من شيوع منهجه، واستفادة الأصحاب من أسلوبه في الحمل على التقية، إلاّ أن هذا المنهج لم يدُمْ طويلاً، باستثناء موارد الحمل المعدودة، التي هي نقلٌ أمين لموارد حمل الشيخ الطوسي بعينها، أو تقليداً لمنهجه في الحمل، وهي الظاهرة التي من أهمّ علاماتها عدم ظهور الانفرادات الجديدة في النظريات والأبواب الفقهية، وقيام جميع الموارد على المسائل المطروحة من قِبَل الشيخ؛ وربما كان السبب الرئيس في ذلك غلبة مبنى عدم حجّية خبر الواحد في هذه المرحلة، سواء بسبب عدم إفادة العلم أو بسبب فقدان الحجّية الشرعية.
ومن بين أهمّ العلامات على هذا الأمر هو أن الحمل على التقيّة قد تمّ استناداً إلى مرحلة تدوين الروايات والتفسير الذي قدّمه الجامعون لهذه الروايات، من أمثال: الشيخ الطوسي، ولم يكن الأمر كما هو الحال في المراحل المتأخرة، حيث لم يتمّ حمل الروايات ـ في مرحلة جمعها ـ على التقية، ثم تمّ حملها على التقية لاحقاً؛ بسبب الضرورات الفقهية، التي تقتضي ردّ أو قبول رواية من الروايات.