خلاصه ماشینی:
والحقيقة أنّ ذكره هنا غير ذي موضوع؛ لعدم وجود أيّة خصوصيةٍ له تبرِّر ذكره في التعريف، إذْ المدار على ما قامت عليه الحجّة، أفاد الظنّ أو لم يُفِدْه، وكأنّه لذلك عَدَلَ غيرُ واحدٍ من الأصوليّين عن ذكره، وأبدلوه بكلمة العلم، كـ (الخضري)، حيث عرَّفه بـ: (بذل الفقيه وسعه في طلب العلم بأحكام الشريعة)()، والعلم هنا إنْ كان قد أراد به الأعمّ من العلم التعبّدي والحقيقي، وأراد بكلمة الحكم الشرعي الأعمّ أيضاً من الحكم الواقعي والظاهري، كان تعريفه هذا أسلم من سابقه؛ لاندفاع المؤاخَذات السابقة عنه، إلاّ أنّه يبقى كسابقه محتاجاً إلى ضميمةٍ ليكون جامعاً، وإلاّ فالتعريفُ ناقصٌ؛ لعدم تعرّضه للوظائف الشرعية أو العقلية عند عجز المجتهد عن تحصيل العلم بالأحكام الشرعية.
[الحجّية الذاتية] والسرّ في ذلك بالنسبة إلى الأوّل منهما ـ وهو موضع الخفاء على الكثير ممّا أوجب اضطراب كلماتهم ـ يتّضح إذا علمنا أنّ الحجّية من اللوازم القهرية، التي يستحيل فيها التخلّف عن طريقيّة العلم، وأنّ طريقية العلم من اللوازم الذاتية له، بل هي في رأي بعض أساتذتنا عين الطريق؛ لأنّ القطع ليس هو إلاّ الانكشاف والرؤية، (ومن الواضح أنّ ثبوت الشيء لنفسه ضروريّ، والماهية هي هي بنفسها، فلا معنى لتوهُّم جعل الطريقية له)().
[4ـ] ومن هنا تتّضح القاعدة على مبنى المخطِّئة، إذْ مع التزامهم بوجود الأحكام الواقعية، وانكشاف الخطأ في الاجتهاد الأول، وعدم تنازل الشارع عن حكمه؛ لعدم جعله بالنسبة إلى الأصول والطرق غير الطريقية أو الحجّية، وهي لا تفيد أكثر من المنجّزية عند المصادفة، والمعذّرية عند عدمها، ومعه لا بُدَّ من القول بعدم الإجزاء.