خلاصه ماشینی:
صحيحٌ أنهم كانوا يرَوْن للأئمّة ـ بالقياس إلى الآخرين ـ مكانةً خاصة، ومن هنا كانوا يرَوْنهم ـ في الحدّ الأدنى، ومن الناحية النظرية، وفي الجملة ـ مفترضي الطاعة عليهم، ولكنْ في المجموع، ومن خلال مطالعة الروايات التاريخية والحديثية والرجالية، يتّضح لنا أن هؤلاء الأصحاب كانوا يختلفون فيما بينهم اختلافاً كبيراً حول ضرورة وكيفية ومساحة عصمة الأئمة()، كما يختلفون في حجم ومبنى ومنشأ وموارد علم الأئمّة وحدود وثغور مقاماتهم()، بل قد اختلفوا حتّى في ما يتعلّق بالخصائص الظاهرية والخارجية (من قبيل: العمر، وجمع ذلك مع الأخ) اختلافاً كبيراً.
ومن بين تلك الخصائص علمهم بالشريعة، والنصّ على إمامتهم من قِبَل النبيّ الأكرم|()، ولا سيَّما أن الشيعة ـ طبقاً لرواية الكشّي ـ لم يكن لديهم قبل إمامة الإمام الباقر× أيّ معرفةٍ بعلم الشريعة، وأن الأرضية المعرفية في هذا الشأن قد تمّ البدء برصفها منذ عصر هذا الإمام الهُمام فما بعده، وقيل: إن بني الحسن قاموا بتثبيت موقعيتهم ومشروعيتهم الدينية منذ المرحلة الأولى من قيام الدولة العباسية، وكانوا في مواجهة العباسيين يدَّعون بأن مصداق آية «الطاعة لأولي الأمر»() هم الذين يقومون بالسيف ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
وإن بعض الخاصّة من أصحاب الإمام عليّ× لم يكونوا يرَوْن للإمام الحسن× تلك المنزلة التي كانوا يرَوْنها للإمام عليّ، ومن ذلك ـ على سبيل المثال ـ أن عبد الله بن عبّاس ـ وقد سبق أن ذكرنا موقفه من علم الإمام عليّ× ـ تحدَّث في مجلسٍ إلى محمد بن الحنفية بشأن الإمام الحسن×، قائلاً: «ما بال هؤلاء القوم يفتخرون علينا، يقولون: إنهم أعلم منّا، فقال محمد: ما ولدهم إلاّ مَنْ ولدني»().