چکیده:
يَظهر التَّلاحم الفكريُّ الَّذي يتجلَّى في الرؤية الأخلاقيَّة والاجتماعيَّة والدِّينيَّة بين عمر الخيَّام وعلي هاشم كأحجية تأمُّليَّة، ومعرفيَّة تشكِّل الحسَّ المعرفيَّ، وتقيم التَّفاعل الرُّؤيويَّ بين الشَّاعرين، فترتبط من خلالها الحيثيَّات، والتَّشعُّبات، والتَّفاصيل محمَّلة بتوهُّجات إبداعيَّة سخَّرت اللُّغةَ لها، ويظهر البُعد المحاكاتيُّ عالمـًا لغويًّا لتبادل ميتافيزيقيٍّ بين شاعرين عاشا في زمنين مختلفين لتحقِّق بواسطته اللُّغةُ معادلة من التَّوازن الرُّوحيِّ، والسُّلوكيِّ لتجمع بين المطلق والحتميِّ من خلال الواقع، والتَّأمُّل لتأخذ المحاكاة بعدًا تصويريًّا، وعقائديًّا متكاملًا ظهرت كلُّها في الوظيفة الشِّعرية عند الشَّاعرين.وانطلاقًا ممَّا ذُكر وبعد قراءة وافية وعميقة للديوانين "رباعيَّات الخيَّام" و"أفلاك" يمكننا أن نطرح الإشكاليَّة الآتية: كيف تجلَّت الأبعاد الأخلاقيَّة والاجتماعيَّة والدِّينيَّة وأثرها في ديوانيِّ رباعيَّات الخيَّام وأفلاك؟
خلاصه ماشینی:
تظهر الرُّؤية الاجتماعيَّة الَّتي جرى التَّعبير عنها في توهُّجات جماليَّة شعريَّة وإبداعيَّة، في النَّص الشِّعريِّ عبر غاية معيَّنة أو صورة، وربَّما حركة استوجب حضورها البناء والتَّشكيل سواء عند الخيَّام أو علي هاشم، فنلحظ الاختلاف في التَّشكيل التَّعبيريِّ بحسب التَّحوُّلات الرُّؤيويَّة عند الشَّاعرين؛ الحصر، المباشرة والقصر الَّذي ظهر في شعر عمر الخيَّام، والَّذي ينتج من ضيق المدى الجغرافيِّ المعرفيِّ الحسِّيِّ للشَّاعر- إذ كان التَّنقُّل يتطلَّب وقتًا طويلًا ومدى زمنيًّا أبعد للاكتشاف والمعرفة- هذا الضِّيق قابله مباشرة، وحصر في التَّعبير الرُّؤيويِّ الاجتماعيِّ.
استنتاج عامٌّ إن دراسة الرُّؤية الاجتماعيَّة والدِّينيَّة والأخلاقيَّة عند عمر الخيَّام وعلي هاشم تظهر لنا: التَّلاقي بين الشَّاعرين: - في الرُّؤية الدِّينيَّة من خلال السُّلوك المعتمد في طريقة التعبُّد والتَّوجُّه إلى الله، بأن لا يُحصر هذا السُّلوك بحركة الجسد الذاتيّة، بحيث تكون العبادة رحلة تفكُّر نحو الله؛ الأمر الَّذي خلق لدى الشَّاعرين هوَّةً عميقة في طريقة التَّعامل مع المحيط الاجتماعي.
- ينعكس هذا التَّلاقي في الرُّؤية الاجتماعيَّة من حيث العمق الاتِّصالي للفرد بالآخر الَّتي بدورها تشكِّل حلقات لا متناهية من تعاظم القيمة الإنسانيَّة من خلال العدل والإيثار، وإذ بها ترفد إلى محاكاة الشَّاعر علي هاشم لعمر الخيَّام في نقد المجتمع، وهذا ما يظهر التَّماثلَ الإنسانيَّ في هواجسه وأفكاره القيِّمة الَّتي لا يمكن أن تنضوي في دائرة زمنيَّة واحدة، لكنَّها متجدِّدة دومًا على الرغم من الفارق الزَّمنيِّ بين الشَّاعرين حيث يبقى للإنسان همومه الواحدة وتساؤلاته العميقة مهما اختلفت الثَّقافات وتعدَّدت.