چکیده:
يَرْمي هذا البَحْثُ إِلَى تقديمِ مِثالٍ حَيٍّ لِفِكْرةِ أَنّ «شَهْوةَ تقديمِ العِلْمِ الأَفْضَلِ» قد تبلُغُ عِنْدَ بعضِ الأفرادِ مِقدارًا يَدْفعُهُم بِقُوّةٍ إِلَى البَحْثِ عن مَصادِرَ لِلزّادِ المـَعْرِفيّ تَقَعُ خارجَ نِطاقِ لُغتِهم القَوْميّة. وفي هذه المـَنْدُوحةِ، نُقدِّمُ لِلْقارئ الكريمِ قِصّةً تستحقُّ بِجَدارةٍ أَن تُرْوَى لِأَجْيالِ العَرَبِ والإيرانيّينَ مَعًا؛ وهي قِصّةُ الشّاعِرِ العَرَبيِّ العَبّاسيِّ كُلْثُومِ بنِ عَمْرٍو العَتّابيِّ، الذي حَصّلَ مِن ثقافةِ العَرَبِ وأَدَبِهم ما يَجْعَلُه مِن الطِّرازِ الأَوّلِ في نَظْمِ القَريضِ العَرَبيِّ والتّأليفِ الأَدَبيّ بِالعَرَبيّة، ثُمّ أَتَى عَلَيْهِ حِينٌ مِن الدَّهْرِ اسْتَشْعَرَ في إِبّانِهِ أَنّ في ثَقافةِ الإيرانيّينَ ما يَسْتحقُّ أَن يُطْلَبَ، ويُبْدَعَ بِلُغةِ العَرَبِ البَليغةِ وبَيانِهم السّاحِر، فذَهَبَ إِلَى مَدِينة «مَرْو» في أَقْصَى الشّرقِ الإيرانيِّ القديمِ، واطّلَعَ بِلُغةِ الفُرْسِ عَلَى ما سَمّاهُ كُتُبَ العَجَم، التي كانَتْ مَدِينةُ «مَرْو» العالَميّةُ تَزْخَرُ بِها في دُورِ كُتُبِها الكثيرة. ويَبْدُو مِن جُمْلةٍ مِن القَرائنِ أَنّ «مَعانِيَ» العَجَمِ التي أُعْجِبَ بِها الشّاعِرُ غايةَ الإعْجَابِ قد استبدَّتْ بِذائقتِه الأدبيّةِ الرّائقةِ الرّائعةِ، فتَرَكتْ مَياسِمَها في شِعْرِهِ ونَثْرِه. ويَسْتَدْعِينا تَقْدِيمُ الصُّورةِ كامِلَةً أَن نَقِفَ في تضاعيفِ مُناقَشَةِ هذه الفِكْرةِ عِنْدَ النِّقاطِ الآتية: كُلْثُومٌ العَتّابيُّ: الهُوِيّةُ والنَّسَبُ والثّقافةُ والطّباعُ. بَلَدُ النَّشْأةِ: رَأْسُ عَيْنٍ وقِنَّسْرينُ والرّقّةُ. العَتّابيُّ البَلِيغُ اللَّسِنُ. الرِّعايةُ الفارسيّةُ لِلْعَتّابيّ. مَرْوُ ومَكْتَباتُها واطّلاعُ العَتّابيِّ عَلَى كُتُبِها الفارسيّة. رُؤيةٌ جديرةٌ بالاهتمامِ عِنْدَ العَتّابيِّ: لُغةُ العَرَبِ تَغْنَى بِمَعاني العَجَم (الفُرْس). آثارٌ لِمعاني الفُرْسِ في شِعْرِ العَتّابيّ ونَثْرِه. المـُسْتَخْلَصُ الأخيرُ أو قَصيرةٌ مِن طَويلةٍ.