خلاصه ماشینی:
وبغضّ النظر عن نوع اللاهوت والإنثروبولوجيا المعروضة في كلٍّ من هذه النصوص الثلاثة، حيث يُعَدّ هذان البحثان من الأبحاث المقارنة الهامّة بين هذه النصوص الثلاثة، فإن الارتباط بين الله والإنسان يحتلّ مكانةً هامّة ومرموقة في التصوُّرات الدينيّة لدى اليهود والمسيحيين والمسلمين أيضاً، ويمكن لنا من خلال دراسة القرآن والعهدين أن نصل إلى هذه النقطة، وهي: حيثما كان البحث عن الله وصفاته مطروحاً كان هذا البحث مرتبطاً بعلاقته بالإنسان على نحوٍ مباشر أو غير مباشر، بمعنى أن نوع اللاهوت في هذه النصوص الثلاثة (أي كلّ ما يقوله الله؛ وكلّ ما يفعله؛ وحتّى جميع أوصافه؛ وكلّ صفةٍ يتنزَّه عنها) ترتبط بأجمعها ـ بنحوٍ من الأنحاء ـ بالإنسان، وكيفية تفكيره، وما يفكِّر فيه، وما يفعله، وما لا يفعله، وكيف يجب أن يكون؟ وكيف يجب أن لا يكون؟ إن من بين المفاهيم المرتبطة بشأن العلاقة بين الله والإنسان أحد التصوّرات الهامة في هذه النصوص الثلاثة، وهي أن الإنسان في هذا العالم المترامي الأطراف لا يرى نفسه مقطوع الجذور، بل يجد نفسه في عالمٍ مخلوق وتابع لله، الذي هو خالقٌ لجميع الوجود، وأسمى من كلّ موجودٍ، وعالم مطلق، وقادر مطلق، وأزليّ وأبدي، وحاضرٌ في كلّ مكان، وعليمٌ بما يدور في السرائر والضمائر، وما يوسوس في القلوب.
فما هي الفترة الزمنية التي تشير إليها هذه المرحلة؟ ليس هناك في الأناجيل الموجودة دلالة واحدة في هذا الشأن؛ فليس من الواضح ما إذا كان ذلك قد بدأ بمجيء النبيّ عيسى (علیه السلام)(وبسبب وجود العنصر الأخلاقي / الروحي ـ بطبيعة الحال ـ في مفهوم ملكوت الله فإن حلوله لا يعني دخول جميع الأشخاص فيه، وإنما يكفي مجرّد إعداد الأرضية لدخول الجميع، إلاّ أن الشرط الرئيس في الحضور فيه يتمثَّل في السعي والبلوغ المعنوي والروحي) أم أنه نوعٌ من مرحلةٍ سوف تتحقَّق في آخر الزمان، والتي سوف يُكْتَب لها التحقُّق في المستقبل، كأنْ يكون ذلك ـ على سبيل المثال ـ في العودة الثانية للنبيّ عيسى (علیه السلام).