خلاصه ماشینی:
وخلال هذا البحث سنتناول، بقدرٍ من الإمكان، رؤية الشهيد مطهَّري وفلسفته الأخلاقية حول الذات والألم والسعادة، والتي تنطلق من تأسيسه الفلسفي في المفهوم التوحيدي للعالم، وتعتبر مصداقاً جليّاً من مصاديق هذه الرؤية؛ إذ يمكن أن تنطبق عليها ضوابط التصوُّر الذي انطلق منها الشهيد مطهَّري في مفهومه التوحيدي للعالم؛ لأن كثيراً من المدارس الفلسفية الأخلاقية كانت ترى أن الإنسان العاقل لا يتلف عمره في البحث عن الفعل الأخلاقي، فثمّ سذاجة متناهية، وإنما هو يحرص على اللذات والمصالح وأنواع السعادة، ويؤكِّد على أنه لا يوجد في العالم سوى اللذة والمنفعة والسعادة.
ويعتبر الشهيد مطهَّري أن خدمة النوع ليست جزءاً من طبيعة الفرد، لكنّ الفرد يحسّ بلذّةٍ حين يحسن إلى الآخرين، وليست هذه اللذّة سدىً؛ لأنه لا يمكن الالتذاذ إذا لم تبلغ الطبيعة الفردية الكمال.
ويميِّز الشهيد مرتضى مطهري بين الأفعال الأخلاقية والأفعال العادية الطبيعية بأن الفعل الأخلاقي قابلٌ للثناء والمدح، ويضفي الناس قيمةً على مثل هذا الفعل، لكنّ هذه القيمة ليست من نوع القيمة التي يقيم بها عمل أحد العمال؛ لأن العامل يوجد قيمةً مادّية، فيستحق مبلغاً من المال أو شيئاً من السلع في مقابل عمله، بينما الفعل الأخلاقي يتميَّز بقيمةٍ تفوق القِيَم، بحيث لا يمكن تقويمها بالمال، ولا بالسلع المادية، وتنفرد الأفعال الأخلاقية بقيمةٍ ثمينة، وهي قيمةٌ لا يستوعبها الذهن البشري، ولما كان نوع القيمة متفاوتاً فنحن مهما رفعنا مستوى المعيار والمقياس فإننا لا نستطيع أن نقيس القِيَم الأخلاقية بالمعايير المادية( ).