خلاصه ماشینی:
وحيث رأى المشركون في مكّة المكرّمة أن آيات القرآن تحمل القسط الأكبر من التأثير على الناس في اعتناق الإسلام فقد عمدوا إلى الخدش في هذه الآيات بمختلف الأشكال؛ ومن ذلك ـ على سبيل المثال ـ أنهم كان يصفونها في بعض الموارد بالسحر: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ (الأحقاف: 7)، وقالوا في بعض الأحيان: إنها إفكٌ وكذبٌ وافتراءٌ على الله: ﴿وَقَالُوا مَا هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ مُفْتَرًى﴾ (سبأ: 43)، وادَّعوا في أحيان أخرى أن النبي قد تعلّم هذه الآيات من شخصٍ آخر: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾ (النحل: 103)، وبالتالي فقد ذهبوا تارةً أخرى إلى التعريف بهذه الآيات والقرآن بوصفه من كلام البشر، وأنكروا أن يكون كلام الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنْ هَذَا إِلاّ قَوْلُ الْبَشَرِ﴾ (المدّثر: 25).
إن جميع هذه الشواهد تثبت أن النبيّ الأكرم| لم يكن يذهب إلى هذا الادّعاء القائل بأن آيات القرآن الكريم على ما هي موجودةٌ حالياً في المصحف الشريف قد وصلَتْ إليه بلفظها ومعناها من قِبَل الله سبحانه وتعالى، وأنه كان يقوم بمجرّد نقلها إلى الناس وقراءتها عليهم.
إن شبستري لا يكتفي بنسبة هذه المسألة ـ القائلة بأن القرآن الكريم كلام النبي| ـ إلى مخاطَبي النبيّ الأكرم| والمفسِّرين الأوائل فقط، بل نسبه إلى بعض المفسِّرين المعاصرين أيضاً، وذلك على أساس فهمٍ خاطئ وادّعاءٍ عجيب، حيث قال: إن هذا هو رأي العلاّمة الطباطبائي& أيضاً، وقال بعد نقل كلام العلاّمة: كما نرى فإن العلاّمة الطباطبائي يُصرِّح بأن القرآن الموجود بين أيدينا كلامٌ بشريّ، وقائله هو النبيّ، وإنْ كان منشؤه التعليمي هو الله().