خلاصه ماشینی:
إن الأسئلة الأصلية في هذا التحقيق عبارةٌ عن: هل يُعَدّ اللجوء إلى آلية «ترك الأَوْلى» ناجعاً في تأويل الآيات المرتبطة بذنوب الأنبياء؟ أو إذا أرَدْنا أن نلقي نظرةً جامعة على نظرية العصمة في الكلام الشيعي هل سيتعارض ذلك مع القسم الآخر من نظرية العصمة، أي الأدلة العقلية للعصمة؟ وبعبارةٍ أخرى: هل الأدلة العقلية على عصمة الأنبياء متناغمةٌ مع صدور ترك الأَوْلى عنهم، أو أنها تستلزم عصمة الأنبياء^ بما في ذلك ترك الأَوْلى؟ إن الأسئلة الأخرى التي يجب بحثها في هذا التحقيق عبارةٌ عن: ما هو ترك الأَوْلى؟ وهل ترك الأَوْلى عملٌ خاطئ؟ إن أسلوب التحقيق في هذه المقالة تحليليٌّ ـ انتقاديٌّ، والغاية منه نقد آليّة القول بـ «ترك الأَوْلى» في تبرير الذنوب الصادرة عن الأنبياء، وإثبات عدم تناغمها مع الأدلة العقلية على عصمة الأنبياء^.
ب ـ المعنى الاصطلاحي ــــــ من خلال البحث في مصادر الكلام الإسلاميّ يمكن لنا الحصول على هذا المعنى لـ «ترك الأَوْلى»: 1ـ ارتكاب الفعل المكروه ــــــ لقد عمد بعض المتكلِّمين الإسلاميّين في بيان معنى «ترك الأَوْلى»، في بادئ الأمر، إلى تقسيم نهي الشارع إلى ثلاثة أقسام، وهي: أـ النهي المولوي الإلزامي، الذي يتكفَّل ببيان تحريم شيءٍ.
وقد ذهب عددٌ آخر من المتكلِّمين المعاصرين بدَوْرهم ـ ضمن بيانهم أن مخالفة النبيّ آدم للنهي الإلهي إنما كان مخالفةً للنهي المولوي غير الإلزامي ـ إلى القول بأن المراد من ترك الأَوْلى وترك الأفضل في كلمات علماء الإسلام هو هذا المعنى().
5ـ نقد مفهوم ترك الأَوْلى في الدفاع عن العصمة ــــــ كما ذكَرْنا سابقاً فإن مصطلح «ترك الأَوْلى» قد تمّ اختراعه من قِبَل المتكلِّمين الإسلاميين لتوجيه وتأويل ظواهر بعض الآيات القرآنية الدالّة على صدور الذنب والمعصية من الأنبياء.