چکیده:
قُدِّمَت العديد من الدراسات المقارنة لقصّة (ليلى والمجنون) فى الأدب العربي والأدب الفارسي ولكنّني لم أر مثل هذه الدراسات في الأدب الحديث والمعاصر، ومن هنا كان اهتمامي بمثل هذه الدراسة "ليلى والمجنون" عند صلاح عبد الصبور فى الأدب العربي المعاصر ونظامي الگنجوى في الأدب الفارسي القديم. يُعدُّ نظامي الكنجوي من الشعراء النابهين الذين عاشوا فى العصر السلجوقيّ الثانيّ، وهو أستاذ الشعر المثنوي الرومانتيكي حيث اكتسب به شهرة عريضة خلّدت ذكره فى إيران وتركيا على حدٍّ سواء. كما تميّزت أشعاره بطهارة الأخلاق وعفّة اللسان حيث أعرض عن المدائح وتجنّب ارتياد القصور كما أمتاز أيضًا بالورع الحقيقيّ من دون أن ينزل إلى التعصّب والتزمّت والجمود وكان مستقلًا برأيه شديد الاحترام لكرامته لا يحتسي الخمور، لذا سُمّي بشاعر الفضيلة. وكان من بين المنظومات التي كتبها نظامي الكنجوي في فنّ المثنوي منظومة "ليلى والمجنون" والتي أصبحت لها مكانة كبيرة في أذهان الخاصّة والعامّة على السواء، وذاعت شهرتها بين قصص الحب في الشرق وطغت على ما عداها من هذه القصص، وفازت بالمكانة الأولى فى إيران وتركيا، ممّا ساعد على نشرها فى عالم الشرق والجزء الغربيّ من القارة الأسيويّة.
أمّا صلاح عبد الصبور، فإنّه يُعدّ رمزًا للمفكّر والفنّان المبدع الذيي يجمع بين موهبة الفنّ وأصالته، وبين عقليّة الدارس والباحث والمثقّف، فالذي يرجع إلى تاريخ معاناته الفكريّة يجده سجلًا حافلًا بالقراءات، والدراسات، والتحليلات، التي كبرت معه وتزايدت وشكّل انتاجه ومفاهيمه المختلفة عن الفنّ -سواء كان شعرًا أو مسرحًا شعريًّا أو دراسات نقديّة– شكّل قمّة الثقافة ونضوجها الفكريّ . ولم تخل أيّ دراسة نقديّة تتناول الشعر الحرّ من الإشارة إلى أشعاره ودواوينه حيث حمل شعره سمات الحزن والسأم والألم وقراءة الذكرى واستلهام الموروث الصوفيّ، واستخدام بعض الشخصيّات التاريخيّة في إنتاجه الشعريّ. هذا وسوف أتناول في هذا البحث دراسةَ "ليلى والمجنون" عند كلّ من نظامي الكنجوي وصلاح عبد الصبور دراسة مقارنة في الأدَبين العربيّ والفارسيّ.