خلاصه ماشینی:
"44 و الثابت لدینا أن جهود جملة تلک الدعوات و المحاولات الیقظویة کانت تترکز عموما علی الدفاع عن المواقع الحضاریة الاسلامیة و مقاومة الضغوط الهجومیة المتلاحقة لحالة الاختراق الغربی،و غالبا بالعدة المنهجیة و الثقافیة التی یمتلکها الخصم،فجسدت تلک الجهود الثقافیة الدفاعیة بذلک فعل التنبه الاسلامی إلی خطورة الغزو الثقافی الغربی الذی جاء فی الغالب،ممهدا للغزو العسکری و الاجتیاح الشامل،و ذلک بما یشکل هذان الغزوان من مشروعات سیاسیة استعماریة مجهزة بممثلین و عناصر مدربین و مؤهلین لإتقان فعل الاختراق الحضاری و الثقافی فی شتی الأقطار الاسلامیة.
فلقد تلقف المستشرقون اسرائیلیات الأخبار الضعیفة و الموضوعة و المبعثرة فی کتب التراث الاسلامی حول هذا الزواج بما فیها بععض ما نقله کبار النقلة و الإخباریین و المفسرین المسلمین القدامی،کإبن هشام،و الطبری،و ابن سعد،و الزمخشری،و ابن قیم الجوزیة،و غیرهم، فی الموضوع نفسه دون تحر و لا تدقیق و لا نقد للروایات التی دونوها،فصور المستشرقون زواج النبی من زینب بأنه«سفاح الأقارب»-کما سماه بعضهم-و أفاضوا علی القصة ضروبا من المبالغات و الأخیلة التی تعکس تأثرات محمد(ص)عندما رأس زینب68و کانت من أجمل نساء العرب،و أطلقوا لأقلامهم العنان حتی صوروا رسول الله(ص)بالرجل الشهوانی الذی یستحوذ جمال النساء69و مظاهر الزینة و متع الحیاة علی قلبه و کیانه.
و نحن نعتقد بأن عصر النهضة الأوروبیة لم یبدأ فی القرن السادس عشر کما هو شائع، بل بدأ قبل ذلک بکثیر،و تحدیدا منذ القرن العاشر بفعل الشروع فی حرکة الترجمة و النقل عن العربیة عبر الأندلس و صقلیة أیام البابا سیلغستر الثانی و بعض من سبقوه بالتحضیر و التمهید لمنجزاته،و نحن نعتقد ذلک،و نری أن هذا العصر لم یکن کما کان لولا التواصل و التفاعل العمیقان بین الثقافة الاسلامیة و أهل أوروبا."