خلاصه ماشینی:
"المتصرفیة:مشروع دویلة قاصرة: بقی الساحل الشرقی للمتوسط تابعا للداخل الکنعانی(أو الداخل الشامی حسب التسمیة التاریخیة اللاحقة لأرض کنعان)اقتصادیا و حضاریا إلی أن استطاع الاستعمار الأوروبی الحدیث خلال القرن الأخیر من عمر الدولة العثمانیة(1516-1918)أن یوجد عام 1860 بضغط مباشر متصرفیة تتمتع بشیء من الحکم الذاتی المحدود،و ذلک فی جزء من سلسلة الجبال المطلة علی الشاطیء الشرقی للمتوسط عرفت بمتصرفیة جبل لبنان دون أن تتجاوز مساحتها اکـ 3500 کلم مربع،أی حوالی ثلث مساحة لبنان الحالی.
و ما أن استقرت الأمور للفرنسیین و البریطانیین فی بلاد الشام و العراق بین عامی 1918- 1920 باشروا،بنجاح،تنفیذ اتفاقیة سایکس بیکو بعد أن حصلوا علی الغطاء الدولی لسیاستهم الاستعماریة فی مؤتمر الصلح فی باریس و فی المجلس الأعلی للحلفاء الذی انعقد فی أیار 1920،فخلقوا عدة دویلات فی هذه المنطقة.
لبنان:المواطنیة المهزوزة و الهویة المتعثرة: هذه الولادة لدولة لبنان احتاجت،عند التطبیق العلمی،للعدید من«الابتکارات»بهدف التخفیف من عسر ولادتها،و خاصة علی الصعید الاقتصادی:فقد کان من الصعب جدا فصل لبنان،اقتصادیا،عن سوریة؛فلجأ الفرنسیون منذ أواخر عام 1920 إلی إنشاء مصالح اقتصادیة مشترکة بین الدولتین الولیدتین سوریا و لبنان:فمن مصلحة الجمارک المشترکة،إلی مصالح المطارات و المرافیء و سکة الحدید و الآثار و النقد المشترک،جمیعها بمثابة «مهدثات»لتمریر علمیة سلخ لبنان عن سوریة علی الصعید الاقتصادی.
کما أن ممثلی المدن الساحلیة اللبنانیة و بلاد بشارة و البقاع و عکار تمنعوا عن الانخراط فی کیان هذه الدولة الولیدة(لبنان الکبیر)و لم یشارکوافی وضع دستور لها عام 1926،بل انهم ارسلوا وفودا إلی دمشق تطالب بوضح مادة تخص لبنان بین مواد الدستور الذی وضع لسوریة عام 1926."