خلاصه ماشینی:
"و من الحری ان نشیر فی هذا المقام الی وصفه لطبیعة المجتمع العربی المتمثلة فی الاصطراع و التعاون، حیث أرجع صفة الاصطراع بین الافراد الی سبب (الحسد)،و میز بین نوعین من الحسد،هو حسد الجاهل و حسد کما نعلم ظاهرة اجتماعیة تفرزها التمایزات الاجتماعیة المتمثلة فی الادوار و المراکز الاجتماعیة التی تزید من درجة الاصطراع بین الافراد من اجل الوصول الی مراکز أعلی و ثروة اکثر،و لما کانت حیاة المجتمع العربی فی العصر العباسی و ما (1)الحیوان،الجاحظ الجزء الاول تحقیق و شرح عبد السلام محمد هارون شرکة مکتبة و مطبعة مصطفی البابی الحلبی و اولاده بمصر 0591 ص 34.
یتجلی هنا استخدام الجاحظ التحلیل التشخیصی الذی وضح فیه مفهوم الحسد لما له من اهمیة کبیرة فی حیاة مجتمع قائم علی الارحام و الانساب و الروابط القبلیة،و ارجع العداوة(التی هی احد اوجه الاصطراع)بین افراد هذا المجتمع الی بسبب الحسد،و اعتبره مصدرا للشغب و الفتنة و الاصطراع فی حیاة المجتمع العربی و ارتباطه فیها، بحیث اذا زال الحسد زالت العداوة و لیس العکس و هذه الظاهرة هی احدی جوانب الطبیعة البشریة.
فقد انتبه الفیلسوف الاجتماعی(الجاحظ) الی هذا المفهوم،لما له من اهمیة فی مناشط و طموحات و تنافس و تعاون الافراد داخل المجتمع و ربط السعادة باللذة الحسیة و وصف جامعی المال و الثروة بان سعادتهم مؤقتة،لانها مرتبطة بأشباع حواسهم و اذا ما اشبعت انتهت سعادتهم،و انها تزول بزوال اموالهم و ثروتهم،فهی(السعادة) لیست ثابتة و مستدیمة لهم،و حتی اصحاب المراکز الاجتماعیة العالیة و الحکام و الزعماء،فان سعادتهم تکون مؤقتة لارتباطها بمراکزهم العالیة، و بزوالها تزول سعادتهم،و بعض الناس لدیهم رغبة فی تسیس و قیادة و حکم الاخرین و التسلط علیهم و هذا ما یجلب لهم السعادة و اشباع رغباتهم."