خلاصه ماشینی:
"و الآخر اعتبار أحوال نفسه و ما یوصف من الصفات خلوا من الجسد،و الآخر اعتبار أحوالهما مقترنین جمیعا و ما یتعلق علی الجملة من الصفات»3،و تلک بدایة تمهیدیة لتلقی العلوم،لأنه قبیح بکل من یروم معرفة حقائق الأشیاء و هو لا یعرف نفسه،و یجهل حقیقة ذاته،و مثله کمثل من یطعم غیره و هو جائع،أو یکسو غیره و هو عریان،أو یهدی غیره و هو ضال عن الطریق الأنهج،فکان من البدیهی أن یبدأ أولا بنفسه ثم بغیره،و هو لن یتمکن من معرفة حقیقتها إلا بالنظر و البحث فی الجهات الثلاث المذکورة،و من أجل هذه الغایة،کان اهتمام أخوان الصفاء بشتی العلوم الریاضیة،لکونها إحدی السبل المهمة و المؤدیة إلی معرفة جوهر النفس التی هی جذر العلوم،و عنصر الحکمة،و أصل الصنائع العلمیة و العملیة، و السبیل الأمین إلی المعرفة الفضلی،معرفة الباری تعالی،الذی هو أقصی غرض الحکماء، فعلم النفس یصبح عند الأخوان مقدمة لما بعد الطبیعة و علم الکونیات،لا بل لجمیع أنواع المعارف.
نعم،هناک باب من أبواب المعرفة و سبب من أسبابها عندهم و هو التنجیم و السحر و الطلسمات و قرانات الکواکب،و هی أمور أطنب الأخوان فی الحدیث عنها،و أمعنوا فی ذلک سبحا فی الخیال،و توصلوا إلی أمور لا یستدل علیها،وهب أنها صادفت حینا و جاءت وفق الحقائق الخارجیة،و لکنها فی أغلب الأحیان غیر مطردة و لا صادقة،و فی تلک الحقائق التی أحالوا العلم بها و أعلنوا عجز العقل البشری عن کشف أسرارها،قالوا بأن معرفتها تؤخذ عن الأنبیاء(ع)تقلیدا کما أخذوها عن الملائکة تسلیما22،و لیتهم أخبرونا عن أی رسول کریم أخذوا التنجیم و السحر،تلک التی عولوا علیها فی مهام أمورهم و رجعوا إلی إرشاداتها،و لیتهم حدثونا عن رواتها الثقات حتی نقبل ما تشیر علینا به تقلیدا و تسلیما."