خلاصه ماشینی:
"و أرسی محمد علی دعائم المراکز العلمیة،و رفع قواعد مؤسسات التعلیم العالی بمصر،و دعا لها کبار الأساتذة الأجانب،و وجه العرب همهم الأول لنقل العلوم و المعارف إلی العربیة لأنه الرکیزة الأولی لتقدم المجتمع العربی،و لحاقه برکب الحضارة العالمی،و عنوا بترجمة الکتب العنایة البالغة،و أسسوا مدرسة الألسن، تنهض بهذا العمل العلمی بقدرة و کفایة،و تقدم للعقل العربی خلاصة الحضارة الأوربیة؛و ضموا إلی مترجماتهم مؤلفات مبتکرة،و کتبا تراثیة لیصلوا الحاضر بالماضی و یهیئوا للمستقبل الواعد.
و إن الخسارة التی منینا بها فی التوقف عن متابعة النهج الذی اختطه رواد النهضة فی نشر العلم و فی التعریب و النقل لخسارة بالغة: أخرت دخولنا میدان البحث العلمی و التقنی،و أبعدت اللغة العربیة عن المشارکة الجادة فی قطاع العلوم الحدیثة فی وقت مبکر،و کانت سبب هذا الترجح و التردد الذی نعانی منه فی التعلیم العالی بین التعریب و التعلیم باللغة الأجنبیة.
-5- إن تعریب التعلیم العالی ضرورة لا بد منها لترسیخ العلم العربی و نشره و بثیه فی المجتمع8،و لجعل اللسان العربی أداة التعبیر العلمیة العصریة،فیعیش الحیاة الیومیة و الحیاة العلمیة و الثقافیة،و یتحدد و یتطور و ینمو،فاللغة لها الشأن الأول فی أصالة الثقافة القومیة،و لن یکون لها مثل هذه المکانة إلا إذا کانت هی التی تعبر عن أسمی ما وصل إلیه الإنسان فکرا و فنا و علما،و أسمی ما یمکن أن یصل إلیه،و لا یجوز صرف اللغة عن حقیقة مهمتها و هی معایشة الحضارة و مواکبتها9.
-9- و إذا کان المصطلح العلمی قد حظی و ما یزال یحظی بهذه العنایة التی أحاطته بها المجامع و الجامعات و المؤسات العلمیة،حتی أصبح لدینا الآلاف المؤلفة من المصطلحات فی مختلف العلوم و المعارف،فإنی أری ألا بد من الإشارة إلی أمر أساسی أراه الأول و الأهم فی طریقنا إلی تنفیذ التعریب فی التعلیم العالی و هو الکتاب العلمی الجامعی:مؤلفا أو مترجما،و کتابا تعلیمیا خاصا یتضمن المقرر أو کتابا مرجعا."