خلاصه ماشینی:
"غیر أنهم کانوا أیضا یدرکون الجانب المظلم من التدخل السیاسی،و هو الدور الذی لعبته الدولة الرعویة فی تدهور الأوضاع الاقتصادیة فی البلدان الأقل نموا منذ ستینیات القرن العشرین إلی الثمانینیات منه.
و بالمثل أصبح الاستخدام العقلانی لرأس المال و الاستثمارات المنتجة جزءا من هذه الصفقة،إلا أن الانتباه المحدود الذی کانت قد أولته تلک الصفقة الإصلاحیة لتحسین أحوال العمال و تأکید النظام الجدید علی تصحیح سوء الاستعمال الحکومی لسیاسات تعیین العمال و تثبیتهم المطلق مهما کان سلوکهم،تلک الأمور جمیعها أحدثت أحدث احتکاکا و ملابسات سیاسیة غیر مؤاتیة للانتقال الهادئ من نظام الاقتصاد الموجه إلی اقتصاد السوق.
و لا بد من السؤال هنا،هل حدث شیء جدید منذ الوقت الذی دمر فیه التأمیم و القوانین الصارمة الأسواق الحرة کی یجعل تلک الأسواق أکثر استعدادا مما کانت علیه قبل أربعة عقود مضت لأن تقود حرکة النمو الاقتصادی؟ لقد أسرعت الحکومات فی التخلص من العبء الثقیل الذی ألقته علیها المسؤولیات الاقتصادیة و المالیة،و حاولت الخروج من السوق إلی الحد الممکن من دون أن تزعزع سیاسیا استقرار سلطتها السیاسیة.
و هذه النتیجة و لو اختلفت أسبابها هی الأمر ذاته الذی کان یجری حین کانت الحکومات الاشتراکیة فی أفریقیا(بما فیها مصر)فی الستینیات تفرض أسعار السلع الزراعیة بأدنی من کلفة الإنتاج الفعلیة،ما تسبب فی أن تخلی المزارعون آنذاک عن الأرض أو قاموا بتهریب منتجاتهم إلی مناطق السوق السوداء.
و قد لقی الإصلاح ترحیبا حذرا من جانب بعض الحکومات الوطنیة فی هذه المنطقة من الشرق الأوسط التی کانت فی حاجة ماسة للغایة إلی اتجاه جدید بعد المأزق الذی وصلت إلیه الدولة الرعویة."