خلاصه ماشینی:
"بالطبع فإن منحی و أسس مخالفة هذه الفئة من أهل السنة مع هذا الأسلوب کانت تختلف عن منحی و أسس مخالفة علماء الشیعة؛حیث کانوا لا یقرون مسألة الاستفادة من الرأی و الفکر فی استنباط الأحکام و یقولون بقصور العقل فی هذا المجال،بینما کان علماء الشیعة یستندون إلی أسس أخری فی إعلان معارضتهم لهذا الأسلوب منها: استمرار عصر النص و وجود قواعد و أصول نابعة من القرآن و السنة الشریفة کفیلة بالإجابة علی الأحادیث الجدیدة فضلا عن عدم سلامة هذا الأسلوب ذاتیا و اعتقاد علماء الشیعة أن الإلتزام بهذا الأسلوب یعنی تجمید الفکر و العقل و تعطیله و شله کلیا.
علی أیة حال،فإن نتائج و تبعات هذا الأسلوب الفکری فی باب الاجتهاد و الفوضی التی میزت هذه المدرسة لم تؤد فقط إلی تناقض الأحکام الصادرة مع الأصول و الموازین الشرعیة بل أدت إلی إهال آراء علماء مدرسة القیاس و الحکم بالرأی الشخصی و فوضی فی أحکام قضاتها.
حیث أن إثارة العدید من الإشکالات علی الأسلوب الفقهی لهذه المدرسة و عوامل أخری مهدت لإعادة النظر فی مفهوم(الاجتهاد)و بالتالی ظهور مفهوم جدید آخر له،کما عبر عنه عدد من العلماء الکبار مثل أبو إسحاق الشیرازی(المتوفی عام 471 للهجرة):(بأن الاجتهاد هو عنوان مجموعة عناصر و قواعد استنباط الأحکام)20.
فی القرن السابع الهجری حصل تطور کبیر حول مفهوم الاجتهاد لدی(الشیعة)؛ حیث استخدم الفقیه و العلامة الکبیر المحقق الحلی کلمة(الاجتهاد)کعنوان لطریق و أسلوب استنباط الأحکام،و کتب یقول: «الاجتهاد فی عرف الفقهاء بذل کل الجهود لتحصیل الحکم الشرعی؛لذا فإن استخراج الأحکام من الأدلة الشرعیة یعتبر اجتهادا لأنه یستلزم سلسلة من الاعتبارات الذهنیة و الفکریة و لا یتم بسهولة بالاستفادة من ظواهر النصوص غالبا و لا فرق أن یکون هذا الدلیل قیاسا أو غیر قیاس.."