خلاصه ماشینی:
"و فی هذه الورقة نطرح مجموعة من التساؤلات نسعی للإجابة عنها،مثل: هل یتمتع البحث الأکادیمی و الجامعات المصریة الآن بحریة أکبر من ذی قبل؟ إذا کانت الإجابة بلا،فما هی الأسباب و الدواعی؟و ما هی إمکانات النهوض و الارتقاء و تجاوز تلک الحالة؟ و إذا کانت الإجابة بنعم،فما هی دلالة ذلک؟ ما مدی تأثیر تصارع التیارات الفکریة داخل الجامعة؟و ما مدی تأثیر امتداد و اختراق تیارات فکریة مسیسة دینیا تبرر العنف کوسیلة مشروعة إزاء المخالفین فی الرأی؟ ثم علی من تقع المسؤولیة أو التبعة؟ بالطبع کل هذه التساؤلات و غیرها الکثیر،تطرح نفسها علی ذهن المتابع قضیة الحریات الأکادیمیة فی مصر.
بعبارة أخری،و أکثر صراحة،إن حریة البحث الأکادیمی کانت أکثر تحررا فی عهود الاحتلال و فی عهود النضال من أجل الاستقلال عما هی علیه الآن،و إن ذلک یرجع فی جانب کبیر منه إلی الباحثین الأکادیمیین أنفسهم الذین اکتفوا بدور المراقب لما یجری من تقلیص لدورهم و حریتهم،و تمکن الدولة الوطنیة التی أعقبت الاستقلال أو نظام ثورة 23 یولیو 1952 من اختراق صفوفهم و استقطاب عناصر منهم و استمالتهم لتضمن أن توجه العملیة التعلیمیة هی الأخری إلی التعبئة و الحشد للنظام القائم کغیرها من مؤسسات المجتمع.
و التسییس لیس ما جانب علاقة الجامعة بالسلطة السیاسیة وسعی الثانیة إلی إخضاع الأولی،و إنما ما نراه هو أن مجموعة من الأساتذة و المثقفین أنفسهم قد استدرجوا إلی العمل السیاسی،و إن کان هذا لیس عیبا فی حد ذاته إلا أنه فی ظل الظروف الراهنة و فی وقت لا تعد فیه الجامعة مستقلة مالیا و إداریا عن السلطة،فإن ذلک یولد اختلالا فی المعادلة و عدم توازن و استدراج العملیة التعلیمیة و النشاط الجامعی کله إلی مجالات أشبه ما تکون بتلک التی تشهدها الأحزاب السیاسیة و الصراعات الشللیة التی تشهدها مجتمعات العالم الثالث کافة."