خلاصه ماشینی:
"و یمکن صیاغة هذه الملاحظة باستطلاع حرکة التاریخ المصری فی مرحلتین،مرحلة بناء دولة محمد علی التی أفادت فی المدی الطویل نسبیا إنسلاخ مصر عن السلطنة العثمانیة،و مرحلة التوجه العربی لمصر فی الثلث الثانی من القرن العشرین.
-1- و یبدو من مطالعة التاریخ المصری فی القرن التاسع عشر،إن کان ثمة تلازما تاریخیا بین بناء الدولة الحدیثة علی عهد محمد علی،و بین بدایة تکوین الوطنیة المصریة فی هذا العصر.
و مع تغلغل النفوذ الاستعماری و مع الاحتلال البریطانی لمصر،قامت حرکة التحرر المصریة منذ ثورة عرابی،قامت ببلورة الجامعة السیاسیة المصریة کجامعة کفاح ضد الاحتلال الأجنبی و من أجل التحرر،و لم یظهر الوجه الانعزالی للمصریة إلا علی یدی الأمة فی مفتتح القرن العشرین،و نحن شعوب تنهض جماعاتها الوطنیة من خلال الکفاح ضد الاستعمار،و حرکات التحرر فیها هی ذاتها حرکات الاحیاء القومی.
أما الوفد-حزب الوطنیة المصریة العتید،الذی أسهم إسهامه الکبیر فی بناء هذه الجامعة، فانه لم یکن یرکز فی أدبیاته السیاسیة علی الدعوة الفکریة لمفهوم نظری عن القومیة المصریة،إنما بنی إسهامه فی بنائها علی حس عملی،فجرت صیاغته لها من حیث هی وحدة یلتحم بها عنصرا الأمة من المسلمین و الأقباط،و من حیث هی حرکة مکافحة للاستعمار.
إن وجه أهمیة موقف الوفد،أنه تنظیم الحرکة الوطنیة المصریة لثورة 1919،و انه التنظیم الذی احتضن المفهوم المصری و استوعب من الأقباط و المسلمین جمهوره و هو و إن لم یتبن فکرة الوحدة العربیة صریحة معدلا اهدافه الوطنیة علی وفقها،فقد نزع منذ الثلاثینات الی هذه الفکرة و تطور بها تطورا وئیدا،یدل علی تفتحه النظری لها،و علی أنه لا یقف بفکرته المصریة الضیقة حائلا دونها،و لا یری تعارضا نظریا بینه و بینها."