خلاصه ماشینی:
"و هذا الذی حدا مجمع اللغة العربیة فی مصر،(و هو یضم جهابذة علماء العرب و المستشرقین)علی أن یشکل عدة لجان من العلماء المختصین «لوضع مصطلحات عربیة فی لفظها و فی معناها تحل محل المصطلحات الأجنبیة» و منهجه،فی وضع هذه المصطلحات«التنقیب عنها أولا فی کتب اللغة و العلم القدیمة،فإذا وجدها اعتمدها،و إذا لم یجدها،لجا إلی الاشتقاق أو المجاز، أو النسب أو التصغیر،أو نحو ذلک من القوانین اللغویة حتی تکون ثروة اللغة مستمدة من أصولها و مواردها،فتستغنی بها عن سواها،و تستطیع أن تثبت أمام جیوش الألفاظ الاجنبیة التی تحاول أن تغزوها لتحل محلها1».
و نعود إلی موضوع أسلوبه علی ضوء معالجة بعض الباحثین لهذه الناحیة: فالواقع،أن غموض أسلوب الکندی أو وضوحه شغلا أکثر من مفکر واحد ممن تصدوا لدراسة کتابه و رسائله،و کان فی طلیعة الذین بحثوا هذا الموضوع الأستاذ الشیخ مصطفی عبد الرازق مدرس الفلسفة الإسلامیة فی جامعة القاهرة و هو کما نعلم أدیب کبیر،حسن الترسل،جزل العبارة،مشرق الأسلوب یقول: «...
فالکندی و قد حذق الیونانیة و السریانیة و کان کما وصفه القفطی واسع الاطلاع علی جمیع العلوم ان هذا الفیلسوف العربی لم یجعل الترجمة دیدنه، بل نقل بعض الکتب،ثم قرأ علوم و فلسفة ذیاک العصر و العصور التی تقدمته، فهضم أکثرها و فلسف بعضها،و حین ألف و صنف لم یعمد إلی ترجمة النصوص بقدر ما اعتمد علی إدراکه و فهمه لها رغم و عورة مبناها و معناها،فکان بحق ذا ذهن متفتح مشع طاف مختلف الآفاق،و یظهر أن اهتمامه بالمضمون کان أکثر من اهتمامه بالشکل،أی إنه اهتم بفک الرموز و الطلاسم و کتابتها بلغة سهلة مبسطة لتکون فی متناول العقل العربی الذی أقبل یعب من تلک الینابیع الفیاضة بلهف و شوق فکان یسوغ بعضها،و یضیق ببعضها الآخر،کل انسان بحسب میوله و ثقافته."