خلاصه ماشینی:
"و الا تعاقبت أجیال علی المجمع فی محاولة جعل لغة العلم عربیة بحتة من غیر أن نفرغ من هذه المهمة لان المکتشفات العلمیة متوالیة بلا انقطاع أما وقد ظننا اننا وجدنا حل المشکلة بتعریب الاصطلاحات العلمیة و الفنیة،أی بنقلها بلفظها کما هو الی لغتنا،فعلینا أن نتساءل:هل تهضمها لغتنا؟و هل یمکن تلک الألفاظ الأجنبیة أن تندمج فی لغتنا بسهولة کما تندمج فی اللغات الأوربیة؟ کلا،بل بینها و بین لغتنا تنافر لا یسهل تدارکه فقد رأینا کتاب العلم عندنا یضطرون أن یفسروا الألفاظ العربیة التی نحتوها للاصطلاحات العمیة الجدیدة بألفاظ افرنجیة کقولنا مثلا«کهرب» electron و جزیء (mole?cule) الی غیر ذلک و قد رأیت فی الکتب التی ألفها الاستاذ الکواکبی أستاذ الصیدلة فی کلیة الطب العربیة فی الشام أمثلة کثیرة من هذا،فکأنه یفترض أن تلمیذه یعرف اللغة الاجنبیة أکثر من لغته، فیفسر له ألفاظ لغته بألفاظ افرنجیة.
فهی متشارکة فی کثیر من الالفاظ،متشابهة فی أسالیب الاشتقاق و التصریف،فلا یتعذر علی أیة لغة فیها اهتضام أیة لفظة دخلت علیها من لغة العلم،و لا سیما لأنها جمیعا تکتب بحرف واحد تقریبا و إذا کانت لغتنا معجزة فی صرفها و نحوها،و طلابها یتمرمرون من بذل الجهود و قتل الوقت فی دراستها،و الطلبة الحدیثون الخائضون غمار العلوم الحدیثة المتکاثرة صاروا یکرهونها لأن دراستها تستنفذ من جهودهم ما لا یبقی شیئا من نشاطهم لدراسة العلوم-إذا کان هذا هو شأن لغتنا فی الصعوبة فکیف نستطیع ترویضها لمطاوغة الاصطلاحات العلمیة و الفنیة الحدیثة؟ و لعل الأتراک یجدون فی تعلیم العلوم العلیا بلغتهم(کما استشهد العلامة الدکتور منصور فهمی بک)صعوبة أقل مما نجد نحن بسبب أن لغتهم تکتب الآن بالحرف الأفرنجی."