خلاصه ماشینی:
"فما السیاسیة الدولیة فی المقام الاول الا جرا للمغانم و دفعا للمغارم لسنا ننکر مع ذلک ان فی العالم اغراضا سامیة و مساعی خیریة و اعمالا یقصد اصحابها نفع الغیر و لکننا نعتقد ان شأن هذه المنازع العلیا لا یزال ضئیلا فی المجتمع البشری و لا سیما فی السیاسة الدولیة حتی انه لیجوز اغفالها فی هذا المقام *** و من الثابت ان آداب السیاسة و اخلاق الحکومات أحط من آداب الافراد و اخلاقهم.
اما بین الدول فلا حاکم و لا منفذ و لا تزال«حجة القوی أقوی الحجج» اجل ان هناک قوانین دولیة صنفها بعض المشترعین و لکنها غیر مسندة بقوة قعلیة تکفل تطبیقها و تنفیذها و لذلک لا تعبأ بها الدول متی و ثقت بقوتها و لم تخش بأسا من اغفالها *** و من الحقائق البینة ان شعور شعب بقوته یحمله علی استخدام تلک القوة و الاستفادة منها الی الحد الاقصی.
و اذا تبصرت بالسیاسة الدولیة الحاضرة وجدت ان کلمة انکلترا الیوم أشد وقعا من کلمتها قبل الحرب و ما ذلک الا لانها قد اصبحت أقوی الدول الاوربیة لذلک یکره المفکرون النزعة العسکریة.
و لعل وجود الجیش الالمانی العظیم و شعور قادة الالمان بقوة ذلک الجیش کانا فی مقدمة العوامل التی دفعت المانیا الی خوض غمار الحرب و لا یقتصر هذا المبدأ علی الحکومات و الشعوب بل یصح تطبیقه أیضا علی کل طبقة او فئة او جماعة من البشر.
فما زالت تلک الجمعیة و هذه ال محکمة علی شکلهما الحالی فلا قیمة لهما بل انهما تزیدان المقتنع اقتناعا بفشل السیاسة و المتشائم تشاؤما بمستقبل البشریة فلا ریب الیوم ان قیمة کل معاهدة تمضی بین دولتین تتوقف علی حالتیهما و تختلف باختلاف مالهما من القوة لدعمها."