خلاصه ماشینی:
"وأما الکثرة العرضیة، فهی الاختلاف بین أفراد کل مرتبة من المراتب، والذی یطرأ نتیجة إضافة الوجود إلی الماهیة مثل الکثرة والاختلاف بین الأجسام المختلفة، بتوضیح أکثر: إن وحدة الوجود فی المدرسة الصدرائیة تعنی أنه وبغض النظر عن خصوصیة مراتب الوجود، فإن حقیقة الوجود لا تتنافی مع الحقائق المتعددة المختلفة الموجودة، إذا، یترادف معنی وحدة الوجود ووحدانیته ـ وفق هذا المفهوم ـ مع التشخص، أی أن حقیقة الوجود واحدة، لکن هذه الوحدة لیست من قبیل الوحدة العددیة، بل وحدة حقة حقیقیة، وهی التی تستند إلیها القاعدة الفلسفیة الشهیرة (بسیط الحقیقة کل الأشیاء( والتی تطرق إلیها صدر الدین الشیرازی فی الباب الثامن من کتاب المشاعر.
ج ـ التمثیلات العرفانیة لاستیعاب فکرة وحدة الوجود ـــــــ 1 ـ أقرب هذه التمثیلات أن الوجود کالبحر أو المحیط، واحد ومتصل، والموجودات متعددة ومتنوعة، وهذا البحر یسکن متی سکنت أمواجه وهدأت، ولا فرق بین البحر عند هیاجه أو وقت سکونه، فالبحر هو البحر، له حقیقة واحدة هائجا کان أم ساکنا، والبحر هو الموج، والموج نفسه البحر، والأمواج هی أطوار البحر وأشکاله وصوره وشؤونه وحرکاته، لیس لها حقیقة مستقلة بمعزل عن البحر، لکن الرائی ـ غیر الفطن ـ للظواهر، قد تخدعه حرکة الأمواج فیغفل عن حقیقة البحر، وهذا ما دعا مؤید الدین الجندی ـ أحد شراح فصوص الحکم لابن عربی ـ إلی توظیف هذا التمثیل بما معناه أن البحر کان منذ الأزل وسیبقی هو البحر لن یتغیر، أما الموجودات الحادثة وهی صنائع الخلق وظواهره، فهی الأمواج والأنهار التی یظهر البحر فی صورتها، إذا، فحاذر أیها اللبیب أن تخدعک الأشکال والصور المختلفة للبحر، وتحجب عنک هذه الأستار والحجب المتکثرة والمتنوعة التی تظهر لک حقیقة البحر ووحدته( 454 )."