خلاصه ماشینی:
بعد هذه المقدمة لا بد من القول فی جواب السؤال الأول: إن کلا من معنیی الحیاة یقتضی هدفا، والتجربة الإنسانیة عبر التاریخ شاهد صدق علی هذا المدعی, کما أن الحیاة المعاصرة تثبت أن الحیاة المادیة لا تستمر من دون هدف، والحیاة المعنویة أکثر احتیاجا لهذا الهدف وأشد اقتضاء لـه.
فی جمیع الحالات التی یکون البحث فیها عن هدف صاحب الحیاة من حیاته, سواء فی ذلک الهدف الکائن أم الهدف الذی ینبغی أن یکون, فی جمیع هذه الحالات لابد من الالتفات إلی أمر فی غایة الأهمیة وهو تحدید صاحب الهدف، هل هو هدف أجزاء الحیاة وأبعادها أم الحیاة بنحو کلی عام؟ وبعبارة أخری: هل یمکن التفکیک بین الأهداف المتعددة لأجزاء الحیاة الإنسانیة وهدف الحیاة ککل, أم أن هدف الحیاة ککل هو هدف الأجزاء مجتمعة؟ وما یدفعنی إلی هذا التساؤل هو الالتفات إلی أن الحیاة ـ ضمن أی مقولة اندرجت ـ هی من الأمور ذات الامتداد.
لابد من الالتفات إلی وجود أهداف عدة یختار کل فرد أو جماعة واحدا منها، وهی التی تؤدی إلی الاختلاف بین الناس, ولا یصح القول بوجود هدف واحد إلا إذا کنا نتحدث من موقع أنطولوجی فلسفی ینظر إلی الهدف الذی أراده الله للإنسان.
وبعبارة أخری: هناک هدف واحد هو الله {إنا لله وإنا إلیه راجعون} وهذا الهدف یسیر إلیه الإنسان بدافع الفطرة ومقتضیات الخلقة، ولکن عندما یکون الحدیث عن أهداف یختارها المرء بمحض إرادته واختیاره, فلا مجال للحدیث عن الوحدة ولا ضرورة لاشتراط الإیمان بالله والحیاة بعد الموت.
وإذا کان المراد من الهدف هو هدف الخالق من الخلق، فهنا لا شک فی کون الإیمان بوجود الله شرطا لازما لهذه الهادفیة بل وکافیا, ولا ضرورة لوجود الحیاة بعد الموت.