خلاصه ماشینی:
"و لقد تمیز هذا النوع من الکتابات الجدلیة فی الفکر الإسلامی-بمزایا عدیدة منها أن کثیرا من هؤلاء العلماء کان یترجم نصوص الأسفار المقدسة من اللغات الأخری مثل العبریة و السریانیة و الیونانیة،و لا ینقل عن الترجمات العربیة،کما أن بعض هذه الکتابات قد تمیز بالدقة و العمق،و حسن التنظیم و سلامة العرض،کما أنها قد لفتت انتباه المسلمین إلی مسائل مهمة فی الحقل،و من أجل ذلک احتفی کبار علماء المسلمین بهذه المدونات و أفادوا منها،و شکلت لهم رافدا أساسیا،و سدت لدیهم نقصا و خللا،و قد کتب لبعض هذه الکتابات الذیوع و الانتشار و القبول بین المسلمین عامتهم و خاصتهم مثل کتابات علی بن ربن الطبری و الحسن بن أیوب التی شکلت مرجعا مهما لکثیر من علماء الإسلام الکبار مثل القاضی عبد الجبار و ابن تیمیة و ابن القیم و غیرهم.
و مما تجدر الإشارة إلیه أن المقارنة عندهم لم تتخذ صورة واحدة أو شکلا واحدا،لکن مفهوم المقارنة قد اتسع لدیهم و تمثل فی صور متنوعة،منها علی سبیل المثال:أن یدرس الباحث جانبا أو أکثر من دیانتین أو أکثر ثم یقارن بینهما، إذا کان علماء الإسلام قد درسوا الأدیان-التی عرفوها-مؤرخین لها واصفین حینا،و مجادلین أصحابها حینا آخر،و تنوعت مصنفاتهم فیها،حیث اهتموا بدراسة الثنویة بفرقها،و کثرت مؤلفاتهم فیها،و اهتموا بدراسة أدیان الهند،و الصابئة،و جاء بعض کتبهم مفصلا،و بعضها الآخر مجملا موجزا، و مثلت دراستهم للیهودیة الوسط بین هذا و ذاک،فإذا کان ذلک کذلک،فإن اهتمامهم بدراسة النصرانیة کان أشد،و قد تعددت مصنفاتهم فیها و کثرت، و جلها جاء علی درجة بالغة من الدقة و الموضوعیة و الحیدة،و ما یعنینا هنا أن نذکر أنهم درسوها دراسة شاملة تأریخا و وصفا و تحلیلا و نقدا و مجادلة لعلمائها."