خلاصه ماشینی:
"و ناموس النشوء و الارتقاء هو أشد النوامیس الطبیعیة صلابة و لیس فی وسع الانسان أن یعرقله أو یعطله و مع ذلک فان بعض الناس ینظرون الی ما حولهم من تلک الاختراعات التی تربک العقل فیتمنون لو أن العلماء و المخترعین یعقدون هدنة مدة بضع سنوات لکی یتاح للعقل استیعاب ما لدیه منها الآن وقد بحث السر آرثر کیث أحد أقطاب العلماء الانجلیز فی هذا الموضوع و ذکر أنه سمع ذات یوم مطرانا انجلیکانیا یلقی عظة عن علاقة العلم بالدین و یتمنی علی العلماء عقد هدنة لوقف تیار العلم و الاختراع.
فماذا نفعل برجال العلم و البحث و الاختراع بیننا؟هل نقیدهم أم نزجهم فی ظلمات السجون أم نمنحهم اجازة اجباریة أم نطلقهم فی الغیطان و الحقول لکی یحرثوا الارض و یزرعوها؟و هل اذا تسنی لنا ذلک نستطیع منعهم من استعمال أدمغتهم المفکرة التی لا تجد لذة الا فی العمل؟ أمامنا معاهدة لندن البحریة وقد اتفقت انجلترا و أمیرکا بموجبها علی تحدید ما تبنیانه من السفن البحریة مدة معینة من الزمن.
و کلما زاد عدد البشر زادت حاجتهم الی المخترعات لترقیة الانتاج و الا حلت بهم کارثة عظیمة لا شک انها تؤول الی انقراضهم و بعبارة اخری-اننا اذا أرغمنا العلماء فی جمیع الاقطار علی عقد هدنة ریثما یستوعبون ما حولهم من العلوم و الفنون و الاختراعات فاننا نساعد علی قذف العمران الی الهاویة و نعجل خراب العالم.
و اصحاب الاعمال یعلمون ان الاستعاضة عن الایدی العاملة بالآلات الصماء هی التی تمکنهم من مواجهة المنافسة الحادة فی جمیع انحاء العالم و لننظر الآن فی موقف الطب من هذا الوجه و فیما یمکن ان تکون علیه حالة العالم لو عقد العلماء هدنة و توقفوا مدة عشر سنوات مثلا عن البحث و الاستقراء."