خلاصه ماشینی:
"ومن خلال الإدراک والوعی وامتلاک هذه الوسائل تتم مساءلة الإنسان؛ لأنه وهب القدرة علی التمییز بین کل ما هو نافع ومفید لاستثمار المصادر الطبیعیة إلی أقصی طاقاتها الممکنة مثلا، وإزالة جمیع الموانع والمعوقات المادیة التی تحول دون ذلک، وصولا لخدمة الجنس البشری، وتحقیق التکامل الکامن المطلوب لبنی الإنسان فی هذا العالم.
ومع ذلک، فإن مثل هؤلاء الأفراد کانوا قد تحملوا واجباتهم وأدوا مسؤولیاتهم وفق ما أوصت به الشریعة دون تفریط بذلک، ولم ینتهکوا القواعد الإسلامیة التی جاءت بها هذه الشریعة، وهذا یعنی أیضا أن أموالهم وممتلکاتهم جاءت بشکل شرعی، ولا یحق لأی أحد أن یجبرهم علی التخلی عنها، أو مصادرتها أو الاستیلاء علیها أو منحها لأی شخص آخر إلا بموافقتهم.
وهذا الاستنتاج یعتمد علی مبدأ حق الملکیة الثابت الداعی لحفظ حقوق الأفراد فی جمیع الموارد الطبیعیة التی وهبها الله تعالی للجنس البشری، ما دامت المواهب العقلیة والبدنیة من صنع الله، ونعمه علی الکائن الإنسانی، وما دام الأقل موهبة یملکون حقا فی تلک المصادر لا یمکن مصادرته؛ وذلک لأن الله تعالی هو المالک الحقیقی لهذه الموارد، ولا یحق لأحد حرمان آخر من ثمارها وإنتاجها، حتی لو جاءت ناشئة عن جهد الأفراد وإبداعهم فی استثمارها أو تحویلها إلی مال أو منفعة أو ثروات.
وبما أن النظام الاقتصادی کان قد تشکل فی إطار خاص، فإنه لا یدع مجالا للإنسان أن یمارس دوره کأداة اقتصادیة، وتحقیق أهداف اقتصادیة بحتة، وإنما یسعی الإسلام لکی یقود هذا الإنسان إلی ممارسة دور فردی فاعل، ومساهمة مسؤولة فی الشؤون الاقتصادیة، ولکن فی الإطار أو السلوک الأخلاقی الذی یلزمه الحفاظ علی مبدأ التکافل فی الأمة، وصیاغة أطر التعاون التی تنتهی بالمحصلة إلی تأسیس اقتصاد متحرک ونام ومتین."