خلاصه ماشینی:
"فی هذه الحالة یحکم الفقهاء جمیعا بأن الطلاق الذی یقع لیس ـ بالجزم والقطع والیقین ـ خلعا أبدا، وأن هذا المال الذی قدمته الزوجة للزوج فی سیاق الطلاق ما زال علی ملکیة الزوجة، ولا یجوز للزوج التصرف به إطلاقا( 363 )، لکن بمجرد أن یجری المطلق أو وکیله صیغة الطلاق علی لسانه یحکم الفقهاء بوقوع الطلاق رجعیا، ویقولون: لا یملک الرجل المال، رغم أن صاحب کشف اللثام( 364 ) یحتمل بطلان هذا الطلاق من رأس، تماما کما ذهب إلیه أهل السنة( 365 ); وذلک أن قصد الزوج من وراء إجراء صیغة الطلاق إیقاع الطلاق المؤدی إلی أن یأخذ فی مقابله شیئا، ومع الأخذ بعین الاعتبار حرمة المال المأخوذ ـ فی صورة إجبار الزوجة ـ وعدم مالکیته له سیصبح طلاقه مجانیا; وعلیه فما بنی علیه صیغة الطلاق لم یقع فی الخارج، بمعنی أن ما قصد لم یقع وما وقع لم یقصد؛ وبعبارة أخری: عندما یکون طلاقه صحیحا فإن لازم ذلک صحة وحلیة المال الذی أوقع الطلاق له، لکن بطلان هذا اللازم ـ نظرا لإجماع الفقهاء علی حرمة المال المأخوذ ـ واضح وبین، وهو یوجب بطلان الملزوم، وهو صحة مثل هذا الطلاق.
وجواب هذا الإشکال واضح; وذلک أننا نقبل أیضا بأن الحیلولة دون وقوع الذنب من الآخرین لا یفترض أن تؤدی إلی ذهاب حقوق الناهین عن المنکر أو أی شخص آخر، وهذه قاعدة عقلائیة وشرعیة، إلا أن إشکالنا هنا یکمن فی أن إلزام الرجل بالطلاق الخلعی لا یضیع حقا من حقوقه; لأن طلاق الخلع یعطی الرجل الأموال التی دفعها مهرا لزوجته، فیما تأخذ المرأة ما کان مقابلا لهذا المهر، وهو البضع، بحیث لا یبقی للرجل بعد ذلک حق التصرف فی بضعها، وعلیه یکون الموقف مقاربا لعودة العوضین إلی المالک الأصلی والسابق، ومن ثم لا یفوت حق أحد، حتی یقال بعدم إمکان إجراء النهی عن المنکر لإفضائه إلی ضیاع حق الناهی نفسه."