چکیده:
بدأ الاستشراق عمله في الشرق بدواع و أهداف مختلفة من السیاسیة و الدینیة و الاستعماریة و العلمیة و... و الدافع الذي رکّزنا علیه في هذا الموجز هو الدافع العلمي الذي قام به المستشرقون منذ بدایة حرکتهم في کشف کنوز اللغة العربیة التي کانت خافیة عن الأنظار سنین متمادیة.
و قد ساعدهم علی العمل حبّهم للبحث، و اهتمام حکوماتهمبهم بما أعطتهم من مال و وقت، و وفرت لهم المطایع و المنابر الجامعیة لتدریس اللغة العربیة و البحث العلمي في آثارها.
و ترجم هؤلاء المستشرقون الکثیر من کتب العربیة إلی اللاتینیة؛ سواء منها ما ألّفه العرب، أو ما ترجموه عن الیونانیة في شتّی المجالات العلمیة کالطّبّ و الهندسة و الفلک و الکیمیاء و المنطق و الفلسفة و غیرها. و قد مهّدوا السبیل أمام الباحثین بنشرهم المخطوطات الثمینة في طبعات مصححة، و بتعلیقات و فهارس تسهّل الاطلاع علیها، حتی أصبح أثرهم نموذجا للناشرین و الکتّاب العرب الذین یقومون بإصدار مثل هذه المخطوطات و الکتب، و أصبحت الدراسات الأدبیة الحدیثة في بعض الأحیان تحتذي حذوهم في التدقیق العلمي، و الابتعاد عن الإسفاف و الزخرفة.
و المواضیع التي نرید هنا أن نسلّط الضوء علیها هي: التعریف بالاستشراق و بدایة حرکته، الإنجازات التي خلّفها المستشرقون أثناء عملهم العلمي في اللغة العربیة و بحوثهم حول القرآ« الکریم، و في النهایة الآثار الإیجابیة و السلبیة للاستشراق.
خلاصه ماشینی:
ویقول الدکتور أنور عبدالملک الذی عالج ظاهرة الاستشراق قبل إدوارد سعید: إن الازدهار الحقیقی للدراسات الشرقیة فی القطاعین الرئیسیین هما الشرق الأقصی والعالم العربی یعود تاریخه بالدرجة الأولی إلی عصر التمرکز الاستعماری، وبشکل خاص إلی السیطرة الأروبیة علی القارات المنسیة فی أواسط القرن التاسع عشر، ثم فی ثلثه الأخیر (أنور عبدالملک، 1963م، ص 71).
3ــ بحوث نقدیة ودراسات تطبیقیة قیمة بین الأدبین العربی والغربی ظهرت البحوث التطبیقة والنقدیة بین الأدبین الغربی والعربی فی وقت مبکر من دراسات المستشرقین فی القرنین الأخیرین، ولکن هذه الدراسات کانت ضئیلة جدا بالنسبة للدراسات الأخری؛ لأنها کانت تحتاج إلی الإحاطة الکاملة بجمیع فروع اللغة العربیة مثل: الصرف والنحو والترجمة والبلاغة العربیة، بما فیها من معرفة الأوزان الشعریة وأسالیب الشعراء فی دواوینهم، وکذلک فهم معانی الکلمات والعبارات المجازیة الواردة فی آثار الکتاب والأدباء العرب القدامی، حتی یستطیع النقاد وباحثوا الأدب التطبیقی طرح آرائهم، وهذا ما یفقده عموما أکثر المستشرقین.
ومن کتبه فی هذا المجال: شبهات حول الإسلام، والمذاهب الفکریة المعاصرة، وأیضا کتابه واقعنا المعاصر؛ وفی المقابل هناک فئة من المثقفین والأدباء العرب الذین لهم نظرة إیجابیة لتأثیر الاستشراق ــ وهم لیسوا بقلة ــ من الکتاب والباحثین القدماء والجدد أمثال جرجی زیدان والدکتور عبدالرحمن بدوی وجودت الرکابی مؤلف کتاب الأدب العربی من الانحدار إلی الإزدهار.
ومن الذین دعموا هذه الفکرة وجمعوا آراء هؤلاء المستشرقین القدماء وترجموها إلی اللغة العربیة هو الدکتور عبدالرحمن بدوی فی کتابه الذی سماه دراسات المستشرقین حول صحة الشعر الجاهلی.