چکیده:
نظرية الأمر الإلهيّ هي إحدى النظريّات المعروفة في فلسفة الأخلاق. ومنذ القديم كانت عرضةً لانتقاداتٍ عديدة. وقد قام روبرت آدمز بالدفاع عنها، وطرح تقريراً جديداً حولها. وفي حين أن أسلوب المدافعين عن نظرية الأمر الإلهيّ التقليدية يرتكز على الطريقة الميتافيزيقية، فإن طريقة آدمز في الدفاع عنها هي طريقةٌ دلالية، فرأيه يتعارض مع نظرية الأمر الإلهيّ التقليدي؛ كونه يعتقد بأن المفاهيم الأخلاقية تحظى بحقيقةٍ عينية، لذا فهي لا ترتبط بالأمر الإلهيّ، ولكنّه يعتقد بأن الإلزامات الأخلاقية تتعلَّق بالأوامر الإلهية. وبرهانه على ذلك هو انسجام الإلزامات الأخلاقية مع الأوامر الإلهية. وأهمّ إشكالٍ على نظرية آدمز ـ بحَسَب هذه المقالة ـ هو عدم إمكان استنتاج الإلزامات الأخلاقية عن المفاهيم الأخلاقية، رغم قبول حقائقها العينية.
خلاصه ماشینی:
لذلك حتّى لو قبلنا أن الأوامر الإلهية منشأُ الالتزام الأخلاقي يبقى سؤالٌ أساسي: ما هو مصدر التزامنا بطاعة إرادة الله؟ هل يمكن أن يكون هذا أيضاً مبتنٍ على الأمر الإلهي؟ الجواب: لا؛ لأن الإرادة والأمر بهذه الطريقة لا يؤدّيان إلى الالتزام، بل على العكس من ذلك، فإن العدالة والإنصاف هي التي تمنح شخصاً حقّ المرجعية وإعطاء الأوامر، وتجعل من متابعته وظيفةً على الآخرين، وأمراً ملزماً لهم.
إذا كان كلّ إلزام مبنيّاً على إرادة الله ففي هذه الحال يعود الإلزام باتّباع الله أيضاً إلى إرادة الله، ولكنّ هذا ـ أي أن نفترض أنه على كلّ شخصٍ أن يضع قانوناً، ويجب على الآخرين اتّباعه والالتزام به ـ باطلٌ؛ لأن الآخرين إذا كانوا ملتزمين به من قبلُ فسيكون وضع هذا القانون عَبَثيّاً وعديم الفائدة؛ وإذا لم يكونوا ملتزمين به من قبلُ فلن يكونوا ملتزمين بعد وضعه؛ لأنه لم يكن من المقرَّر سابقاً اتّباع أوامر ذلك الشخص.
تماهي الالتزام الأخلاقيّ والأمر الإلهيّ ــــــ سبقت الإشارة إلى أنه وفقاً لنظرية الأمر الإلهي التقليدية لا يوجد فرقٌ بين مفاهيم القيمة والالتزام بناءً على قيام المفاهيم الأخلاقية على الدين؛ ولا يوجد أيّ مصدرٍ آخر للأخلاق ـ وفقاً لهذه النظرية ـ سوى الأمر الإلهيّ.
الثانية: رغم أن ماهية الالتزام الأخلاقي اجتماعيةٌ، ولكنْ لا يمكن أن يكون المجتمع مصدرها؛ إذ أوّلاً: الأخلاق عينية، وإذا كان مصدرها المجتمع فلا يمكنه تأمين هذه العينية؛ لأنه يمكنه أن ينكرها أيضاً إذا اعتبرنا أنه مصدرها.
2ـ عبثيّة الأمر الإلهيّ ــــــ نُقل عن جان جاندلر إشكالٌ() يمكن عرضه على الشكل التالي: إذا كان ادّعاء آدمز ـ أن الالتزامات الأخلاقية هي نفسها أوامر الله، وأن الله المحسن يأمر بالأعمال الحَسَنة ـ صحيحاً فمن المؤكَّد أن الله المحسن يأمر فقط بالأعمال التي تكون حَسَنةً.