چکیده:
يسعى الباحث في هذا المقال إلى المساهمة في تهديم أُسُس وقواعد التطرُّف في المجتمع، وذلك من خلال مناقشة المباني الدينية التي تستند عليها الجماعات والتنظيمات المتطرِّفة؛ لأجل دفع تهمة التطرُّف عن التشريع الإسلامي، وإبراز جوانب الرحمة والإنسانيّة في التعامل مع مطلق المخالف في العقيدة والفكر والمنهج. فلا يوجد ما يدلّ على استضعاف المخالف أو قتله؛ لمجرّد الكفر، بل القتل عنوانٌ يحصل لأسباب موضوعيّة، كردّ العدوان، أو الدفاع عن المستضعفين. ويستوي في ذلك المسلم والكافر. وقد قام الباحث بدراسة «حديث المقاتَلة»، الذي يدلّ بظاهره على كون الكفر سبباً لوجوب القتال، من جهتَيْ السند والدلالة؛ فناقش جميع أسانيد هذا الخبر عند الشيعة الإمامية وغيرهم من المذاهب الإسلامية. كما ناقش في دلالته، بعد أن عرضه على الكتاب الشريف والسنّة المعتبرة والسيرة القطعيّة للمعصوم (علیه السلام)، وتوصَّل إلى اختصاص المقاتلة بحالة ردّ العدوان، والدفاع عن بيضة الإسلام أو المستضعفين في الأرض، ولا يمكن تعميمه لكلّ كافرٍ في جميع بقاع الأرض.
خلاصه ماشینی:
كما ناقش في دلالته، بعد أن عرضه على الكتاب الشريف والسنّة المعتبرة والسيرة القطعيّة للمعصوم (علیه السلام)، وتوصَّل إلى اختصاص المقاتلة بحالة ردّ العدوان، والدفاع عن بيضة الإسلام أو المستضعفين في الأرض، ولا يمكن تعميمه لكلّ كافرٍ في جميع بقاع الأرض.
أـ سند الحديث عند الإماميّة ورد هذا الحديث بطرق ستّة، كلّها ضعيفة: الطريق الأوّل: ما رواه الصدوق بسنده عن عليٍّ (علیه السلام) قال: قال النبيّ|: «أُمِرْتُ أن أقاتل الناس حتّى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها فقد حرم عليَّ دماؤهم وأموالهم»( ).
الطريق الخامس: ما رواه القاضي النعمان، مرسلاً عن رسول الله|، أنه خطب الناس يوم النحر بمِنَى فقال: «أيها الناس، لا ترجعوا بعدي كفّاراً، يضرب بعضكم رقاب بعضٍ، فإنما أُمِرْتُ أن أقاتل الناس حتّى يقولوا: لا إله إلاّ الله، فإذا قالوا ذلك فقد عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلى يوم يلقون ربَّهم، فيحاسبهم.
ب ـ سند الحديث عند الجمهور ورد هذا الحديث بطرق متعدِّدة وأسانيد كثيرة عن النبيّ|، ورُوي عن خمسة عشر صحابيّاً( )، كأبي هريرة وأنس بن مالك وعمر بن الخطّاب وابنه وغيرهم، وإنْ كان في كثير من الأسانيد نظرٌ إلاّ أن بعضها صحيح الإسناد، وهو متَّفق عليه عندهم؛ لروايته في ما يُسمّى بالصحيحين، وقد ادُّعي تواتره معنىً( )، ومنها: 1ـ ما أخرجه البخاري بسنده عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِﷺ قَالَ: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاّ بِحَقِّ الإِسْلاَمِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ»( ).