خلاصه ماشینی:
وقد حاول الإمام الخميني (رحمه الله) أن ينقض على القاعدة بهذا النحو الأخير، على أساس أنّه لا معنى لجعل الإباحة في مثل ذلك، بعد أن كان الفعل خالياً من أيّ ملاكٍ يدعو إليه؛ فإنّه لغوٌ، كما أنّه لا مجال لتحقيق الإرادة والكراهة فيه أيضاً؛ لأنهما من توابع العلم بالمصالح والمفاسد، ولا مصلحة ولا مفسدة على الفرض في البين، وهذا يعني أنّ الإباحة في مثل ذلك إباحةٌ عقليّة بَحْتة.
مضافاً إلى ما قد يُقال من أنّ المسألة ليست تعبُّديّةً بَحْتة، بل المقصود فيها كشف الواقع، وأنّه هل تخلو واقعةٌ من حكمٍ أم لا؟ فلا ينبغي الاستناد فيها إلى ما لا يفيد اليقين بالإتقان، كما قد يحمل عليه ما تقدَّم عن المحقِّق الرشتي (رحمه الله) في هذا المقام، وإنْ كان لا يخلو عن إشكال أو إبهام؛ لأنَّ المسألة وإنْ كانت ذات وجهة كلامية، وقد حقِّق في محلّه أنّه لا مجال للتعبُّد في ما كان المطلوب فيه الحصول على نفس الواقع؛ إلاّ أنها تدرس في المقام كمبدأ للمجالات الفقهيّة والأصوليّة، وهي؛ باعتبارها باحثةً عن تعيين الوظيفة العمليّة، ممّا يصحّ تدخُّل التعبُّد والتنزيل فيها، ويكون من الصحيح حينئذٍ أن يستند في إثبات المسألة الى الإجماع والأخبار.
وكيف كان فما يمكن الاستدلال به في بادئ النظر على المطلوب عدة روايات: الرواية الأولى: ما رواه الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عليّ بن حديد، عن مرازم، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: «إنّ الله تبارك وتعالى أنزل في القرآن تبيان كلّ شيءٍ، حتى واللهِ ما ترك الله شيئاً يحتاج إليه العباد، حتّى لا يستطيع عبدٌ يقول: لو كان هذا أُنزل في القرآن، إلاّ وقد أنزله الله فيه»( ).