خلاصه ماشینی:
"و فی مجال تطور فکرة الحریة فقد احتوت شرعة حقوق الإنسان الفرنسیة علی «أن بیان الحقوق شیء و ضمان هذه الحقوق شیء آخر؛إذ انه لا یکفی ان یکون الحق معلنا نافذا بل یتوجب علی الدولة التی تقر بوجوده ان تتخذ التدابیر الضروریة لتمکین الافراد من ممارسة حقوقهم»2.
و قد بلغ الإیمان فی الإسلام بالإنسان،و فی تقدیس حقوقه إلی الحد الذی تجاوز بها مرتبة«الحقوق»عند ما اعتبرها ضرورات و من ثم أدخلها فی إطار«الواجبات»کما یقول محمد عمارة3؛فالمأکل و الملبس و المسکن و الأمن و الحریة فی الفکر و الاعتقاد و التعبیر و العلم و التعلیم و المشارکة فی صیاغة النظام العام و المراقبة و الثورة لتغییر نظم الضعف أو الجور و الفسق و الفساد الخ...
و الحقیقة أن الشرع الإسلامی لم یحرم الرق بنص صریح إلا أنه هیأ النفوس و الأجواء و الظروف التی تسمح بتحریر العبید الأرقاء الذین فقدوا انسانیتهم بوضعهم الاجتماعی الشاذ،فقضی الإسلام علی الروافد التی کانت تمد هذه الظاهرة و تغذیها، و جفف منابعها،و لم یبق الإسلام إلا علی واحدة منها و هو الحرب،و له تبریره فی ذلک، و قد اکثر من المنافذ التی تؤدی إلی تحریر الرقیق و عتقهم،و رغب الناس بتحریر الأرقاء،و جعله تعبیرا عن طاعة الله فی تقواه.
ب-مفاهیم ترتبط بالحریة لقد أعلن الإسلام محافظته علی کرامة الإنسان والمساواة التی تکمل مبدأ الحریة؛فالبشر أحرار متساوون کجنس واحد من حیث المنشأ،لأن الله تعالی یقول لنا فی کتابه الکریم: یا أیها الناس اتقوا ربکم الذی خلقکم من نفس واحدة 1.
إلا ان الحقیقة غیر ذلک،کما یقول سماحة العلامة السید محمد حسین فضل الله1؛فالإسلام«لا یری فی إعطاء الحریة للفکر المضاد خطرا علی الإسلام إذا أمکن للقائمین علی شؤون الأمة أن یضعوا الحدود المعقولة التی تفصل بین النظام و بین الفوضی»."