خلاصه ماشینی:
"و هذا البحث یراد منه استخراج الحکم الشرعی فی مسألة تندرج تحت هذا الأساس الثانی،و هی أن سلطة الحکومة الإسلامیة بموجب الأدلة المعتبرة شرعا: هل تمتد لتشمل أخذ الزکاة من جمیع الأموال الزکویة،أم أنها قاصرة علی أنواع معینة منها و یترک أمر إخراج الزکاة من سائرها إلی اختیار الأفراد،لیتولوا بأنفسهم إیصال زکاتها إلی المستحقین مباشرة إن شاءوا،أو یدفعونها إلی الحکومة إن شاءوا؟و هل یختلف ذلک من عصر إلی عصر،بحسب الظروف و الأحوال؟و هل یجوز للحکومة الإسلامیة أن تتنازل عن هذا الحق کلیة؟ وسوف نجعل الکلام فی هذا البحث فی فصلین: الفصل الأول:یتعلق بالنظر فی الأدلة الواردة بخصوص هذا الأمر فی الکتاب و السنة،و خلاف الفقهاء فیه،و القول الذی نراه یجمع بین الأقوال الفقهیة المختلفة،و الأدلة الشرعیة المتعارضة.
هل یجب علی ولی الأمر أخذ الزکاة(من حیث الجملة)؟ ذهب الإمام الشافعی إلی أنه یجب علی الولاة جمع الزکوات التی لهم حق المطالبة بها ممن هی علیه،و لا یجوز لهم ترک هذا الواجب،و ذلک حیث قال:«فرض الله عز وجل علی أهل دینه المسلمین فی أموالهم حقا لغیرهم من أهل دینه المسلمین المحتاجین إلیه،لا یسع أهل الأموال حبسه عمن أمروا بدفعه إلیه من أهله و ولاته،و لا یسع الولاة ترکه لأهل الأموال،لأنهم أمناء علی أخذه منهم.
و استدل المستشار عبد العزیز هندی فی بحثه المقدم إلی الندوة الأولی للزکاة بقوله تعالی: خذ من أموالهم صدقة تطهرهم و تزکیهم بها 3،و قول النبی صلی الله علیه و سلم:(أمرت أن أقاتل الناس حتی یشهدوا أن لا إله إلا الله،و أنی رسول الله،و یقیموا الصلاة،و یؤتوا الزکاة)4،علی أن فی دلالة هذا الحدیث (1)«سورة التوبة»:(103)."